"سأذهب إلى الخياط أريد أن أستعد للعيد، السوق مزدحم ربما لن أجد من يقبل التفصيل لي"، بدأ رمضان وبدأنا نحضر للعيد، رمضان في النهار والعيد بعد الإفطار طبعاً عند البعض. هناك من لا يستمتع بالدرس أو بالمحاضرة لأنه يفكر في انتهاء الحصة أو الشهادة أو فيما يلي هذه الساعة أو تلك، ما نبدأ حتى نسأل عن النهاية أو بداية أخرى، المهم أن اللحظة التي بين أيدينا لا نعيرها ذلك الاهتمام أحياناً، لأننا نفكر في التالي. لا أحد ينكر أهمية التالي لكن الحاضر له جمالية تكمن في أنه بين أيدينا نملكه ويملكنا، أما الغد حتى وإن كان أجمل يظل بعيد المنال فلماذا لا نحيا الحاضر ونأمل ونعمل للغد، فالحاضر لبنة الغد. نتسابق مع الزمن وهناك خوف كبير من أن يسبقنا ويفوتنا القطار، لذا نلجأ أحيانا كثيرة أن نستعد قبل رمضان أو العيد على سبيل المثال بفترة طويلة، ونظل في حالة الاستعداد هذه حتى أول أيام الشهر الفضيل أو أول أيام العيد. والسباق هذا لم يعد حكراً على بعض أفراد المجتمع، بل انتشرت بين التجار، فتسمع تهديدات مثلاً "يريد خيط جيب قبل نص رمزان (رمضان)!". والمشكلة رغم الاستعدادات التي تسبق العيد طوال شهر رمضان وربما قبل ذلك لا تنتهي التحضيرات حتى للحظة الأخيرة، قالت إحداهن "ليلة العيد من بعد الإفطار وحتى ساعات الفجر الأولى وأنا في السوق (…) على الرغم من أني أحاول أن أقضي حاجياتي طوال شهر رمضان!" يكفي أن ترى الشوارع ليلة العيد وحالة الاستنفار الموجودة في معظم المنازل حتى تدرك أن السباق مع الزمن لم يؤت ثماره! يقول الكاتب الإنجليزي ستيفن ليكوك "ما أعجب الحياة"! يقول الطفل: عندما أشب فأصبح غلاماً، ويقول الغلام: عندما أترعرع فأصبح شاباً، ويقول الشاب: عندما أتزوج؛ فإن تزوج قال: عندما أصبح رجلا متفرغا فإذا جاءته الشيخوخة تطلع إلى المرحلة التي قطعها من عمره فإذا هي تلوح وكأن ريحا باردة اكتسحتها اكتساحا، إننا نتعلم بعد فوات الأوان، أن قيمة الحياة في أن نحياها نحيا كل يوم منها وكل ساعة". وهكذا هو الحاضر الذي بين أيدينا لا نستطيع أن نعيده إذا ما فقدناه حتى الحنين إليه لن يجدي نفعا لأنه سيكون حنيناً لعمر أنقضى وسباق استهلك طاقتنا وفقدنا لذة التمتع برمضان، والدرس، والشهادة وغيرها من الأمور التي لا ندرك قيمتها إلا إذا ذهبت. ameena.awadh@admedia.ae