ونحن نعيش نفحات شهر الجود والكرم والإحسان، شهر رمضان المبارك، تلف المرء مظاهر جود إنسان الوطن، بمبادراته ولمساته الطيبة، التي تستمد من أريج طيب يغمر الدار، الطيب الذي تأسست وقامت عليه الإمارات وغدت منارة للخير، وعنواناً للجود.
في كل زاوية ومنطقة ومدينة، وحتى سفوح الجبال، ترتفع شواهد من خير أرض، أبوابها مشرعة لكل قادم يطرق أبوابها. مظاهر تتعدد، وترحل بالخير حتى باتجاه أولئك الذين لم يقدروا على مبارحة أماكنهم، ولأولئك المتعففين القابعين في دورهم.
شاهدنا شباباً يطوفون البيوت يتلمسون حاجات أصحابها، وفتية يجوبون أماكن وجود الذين يعملون تحت هجير الشمس ويساعدونهم في لحظات استراحتهم، ويدعونهم لمشاركتهم موائد الإفطار الجماعي، حتى وإن كانوا من ملة أخرى، يجسدون روح عطاء المسلم والإسلام في أبهى حللها. وحتى قبل حلول الشهر الفضيل، كانوا يوزعون على هؤلاء العمال الماء والمرطبات والوجبات في مواقع الإنشاءات التي يعملون فيها، ويقدمون لهم الإرشادات والنصائح للوقاية من ضربات الشمس.
مظاهر انتقلت للفضاء الرحب، ونحن نتابع مبادرات بسيطة الفكرة جليلة المعنى، وقد استوقفني منها مبادرة فردية، لا يملك المرء، والدمع في المقل، إلا التفاعل معها، ويردد ما يحفظ من أدعية ترحماً على روح المعني بالمبادرة، فعلى تلك المواقع، حساب باسم المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ أحمد بن زايد آل نهيان، يذكر بالدعاء له، وبكل ما فيه النفع والصلاح للمرء في حياته وآخرته.
مبادرة تحيي سيرة عطرة لرجل فارق دنيانا الفانية قبل أكثر من عامين، وتظل بصماته الطيبة شاخصة للعيان، ويتجلى طيب “أهل الدار” بسرعة وقوة التفاعل مع الدعوة، وإعادة إرسالها المرة تلو الأخرى، وبالأخص أن إطلاق الحساب تزامن مع إطلالة اليوم الأول من شهر البركات والإحسان الذي يغمرنا بنفحاته الطيبة المباركة. وعندما تتابع الدعوات الطيبة والقول الجميل الذي يسجله كل مغرد في ذلك الفضاء الفسيح بحق هذا الوطن وقيادته الرشيدة، تستحضر عظمة روح العطاء وطيب الغراس الذي حرص على نشره القائد المؤسس زايد بن سلطان آل نهيان طيب الله ثراه، بحب الخير، وأن يعم الناس أجمعين، دون تمييز بسبب عرق أو لون أو معتقد. وبهذا الإدراك والفهم، حرص أبناء الإمارات على أن تمتد يد الجود كل مكان عبروه أو توقفوا به. ومن شواهده، ونحن نتوقف أمام أعمال أحمد بن زايد - رحمه الله -، حرص العاهل المغربي محمد السادس على أن يدشن بنفسه الدار التي تحمل اسم احمد بن زايد للرعاية الاجتماعية في محافظة تمارة المغربية، “إكراماً لروح الفقيد الذي كانت تربطه علاقات إنسانية متميزة بالمملكة المغربية، ويحظى بتقدير عالٍ من طرف فئات عريضة من سكان المنطقة”، كما قال جلالته.
مبادرات يظل معها الطيبون ممن نشروا بيننا الخير والحب، أحياء في قلوبنا، وجلائل ما قدموا شاخصة أمام أبصارنا، وإن رحلوا بأجسادهم عن دنيانا الفانية، فإن ما قدموه سيظل في موازين أعمالهم.

ali.alamodi@admedia.ae