لا أدري أي خير يرجى من أشخاص أو مؤسسات لا تجد في عملها نقصاً لا بد أن يُقوَّم؟ ولا أستطيع استيعاب أن أحداً وصل درجات عالية في مجال معين، ما لم يسبق ذلك شعور بالتقصير، تبعته رغبة في التغيير توجت بعمل جاد! تنتابني هذه الأسئلة كلما شُغل القائمون على مؤسسة ما أنفسهم بتلميع صورتهم أمام المسؤولين والرأي العام، ومدافعين عن ذلك بشراسة تُذهب الطاقة وتذيب الهمم التي يجب أن توجه لإصلاح الخلل أو تجويد العمل.
تظهر هذه الصورة وبوضوح في المؤتمرات والملتقيات التي تهدف إلى تسليط الضوء على بعض المشاكل التي يعانيها أي مجتمع في الدنيا، والتي يجب على أي مجتمع سليم أن يناقشها بالتعاون مع الجهات المعنية، بحثاً عن حلول لها.
في الملتقيات والمؤتمرات التي تعقد كل يوم تقريباً في الإمارات، يحضر كثر لأغراض مختلفة تماماً عن هدف الملتقى، يشاركون لغرض لا علاقة له بالحلول المعلن البحث عنها؛ إنما يشاركون ليقولوا إننا قمنا بدورنا ويزيد، ويبدأون باستعراض إنجازات مؤسساتهم ليؤكدوا للحضور والقائمين على الفعالية أن الحياة أفضل بسببب وجودهم، ولولاهم لكانت المشكلة محل النقاش أشد سوءاً؛ ويزايد بعض المحسوبين على هذه المؤسسات بالدفاع عن المسؤولين، واضعين مصلحتهم الآنية في المؤسسات أهم من المصلحة العليا للمجتمع التي قامت لأجلها مؤسساتهم أساساً!
السبب الرئيسي لهذه المشكلة يعود إلى شخصنة بعض مؤسساتنا، فتتحول المؤسسة - بفعل فاعل - إلى شخص من لحم ودم ومشاعر، لدرجة أن أي نقد يوجهه المجتمع يفهم منه إساءة مباشرة للشخص الرئيسي القائم عليها، ولذا يأخذ النقد منحى متطرفاً يصل للعداوة والقذف أحياناً كثيرة من قبل العاملين عليها الذين ينبرون للدفاع عن رئيسهم وبشراسة؛ وذلك بدلاً من - وهذا هو المفترض- أن يفهم العاملون في المؤسسة أنهم في قطاع يعمل لتحقيق هدف يخدم المجتمع وفق قانون وتشريعات وعبر آليات ينفذونها هم. فك هذا الخلط في فهم دور الأفراد في المؤسسة، هو المفتاح الذي يمكن أن يفيد في حل المعضلة.
المشاكل التي تكون تداعياتها تمس المجتمع مباشرة، تكون كل مؤسسات المجتمع مقصرة بشكل أو بآخر في أداء جزء من مهامها، وهذا يمس الجميع من مؤسسات تشريعية واقتصادية واجتماعية وإعلامية، سواء بعدم قيامها بما يلزمه الواقع، أو تأخرها في استيعاب التغييرات المحلية حولها والتي يجب أن تغير على أساسها من مهامها؛ أو تراخي قدرتها في توقع المستقبل بناء على التطورات الدولية التي تأثر على مجتمعنا مباشرة كبقية مجتمعات الكون. هذا الدور الذي يفوق استيعاب بعض القائمين على مؤسساتنا يعود لتوقع الجميع بأنهم يقومون بما يلزم.. بل وبأكثر مما يلزم!!


als.almenhaly@admedia.ae