يطل علينا خير الشهور بأيامه ولياليه الجميلة، شهر رمضان “الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ”، واختصه الله بليلة القدر، التي هي خير من ألف شهر، شهر بهذه الجماليات والكرم والإحسان، يسلب سواد عظيم من الناس جوهره الجميل وخلقه الرفيع بمظاهر عديدة، لعل في مقدمتها تعطيل مصالح الجمهور بحجة الصيام، وتجد بعض الموظفين، وقد ضاق خلقه وصدره عن استقبال معاملات من أوكل بخدمتهم. وهناك من البشر، من يرى في أيام رمضان موسماً للنوم ولياليه للسهر، سواء بالسهر مع قنواتنا التلفزيونية التي تحشد كل أعمالها لليالي رمضان، أو بالسهر فيما بات -تقليداً رمضانياً رغماً عنا- ونعني ظاهرة «الخيام الرمضانية».
وعلى صعيد استعدادات المساجد لإحياء أيام وليالي الشهر الفضيل، تجد تبايناً غريباً بين أئمتها في إقامة صلاة التراويح والتهجد بين مطيل لها يرهق من ورائه ويثقل عليهم، وبالأخص كبار السن والنساء والصغار، وآخر يؤديها كما لو أنه في سباق للتتابع، وبين الاثنين تضيع الطمأنينة في الصلاة.
يطل علينا رمضان هذا العام، وقد سبقه في منطقتنا جدل محتدم بين المغردين ورواد مواقع التواصل الاجتماعي ومتابعي الفضائيات حول تجسيد شخصية الفاروق عمر، رضي الله عنه، من دون أن نسمع جواباً حاسماً من دوائر الإفتاء لدينا حول الموضوع، بصورة أتاحت للعوام أن يدلوا بآرائهم، وينقلوا فتاوى من هنا وهناك، وتشعب الجدل وسط ذلك الغياب، حتى اتخذ طابعاً غير جدير بمتابعته أو الخوض فيه من قبل ذوي الفطرة السليمة؛ لأنه اتخذ منحى يقود للفتنة والتعصب المذهبي البغيض.
يطل علينا رمضان، وهو الثامن الذي يغيب فيه عنا القائد المؤسس زايد بن سلطان آل نهيان طيب الله ثراه، ونظل في أيام وليالي الشهر الفضيل بصحبة سنة حميدة سنها رحمه الله، وسار عليها قائد المسيرة خليفة الخير حفظه الله، باستضافة علماء المسلمين من مختلف البلدان، ُيحيون ليالي الشهر الكريم بمحاضرات وندوات تبرز قيم الاعتدال والوسطية والتسامح التي جاد بها دين الحق، بعيداً عما يجنح إليه بعض المحسوبين على المسلمين من غلو وتطرف ورفض وإقصاء للآخر. وفي ملتقيات ليالي رمضان، يعقد العلماء الضيوف ندوات ومحاضرات، يتناولون فيها العديد من التحديات التي تواجه المسلم في عصرنا الراهن، وبالأخص التشويه الذي لحق بالعقيدة الغراء على يد أولئك المضللين ممن يستبيحون حرمات الله ويسفكون دماء الأبرياء ويروعون الآمنين والمستأمنين باسم الدين، وتنوير الشباب خصوصاً، بحقيقة أولئك الذين يستغلون الدين لترويج ضلالاتهم وتزيين أفعالهم المذمومة.
و”مبارك عليكم الشهر”، سائلين المولى جلت قدرته أن يعيده علينا في كل حول، وإماراتنا في عز ورخاء وتقدم وازدهار، منارة للخير والعطاء بقيادة قائد المسيرة خليفة الخير وإخوانه الحكام، وفقنا الله لصيام رمضان وتقبل منا الطاعات، وكل عام والوطن والجميع بخير.


ali.alamodi@admedia.ae