يختتم خلال الأيام القليلة المقبلة العديد من البرامج والفعاليات الصيفية، وتغلق الأندية أبوابها بحجة الصيام نهاراً، والتفرغ للمسابقات الكروية الرمضانية ليلاً، ليلحظ المرء بعد ذلك الحضور الكثيف للنشء والمراهقين في الشوارع والأحياء، ممن يقومون بممارسات وتصرفات خطرة، بدءاً من إطلاق الألعاب النارية وانتهاءً بالحركات الاستعراضية الخطرة بالسيارات والدراجات النارية.
ربما تكون بعض البرامج الصيفية التي نفذها عدد من الجهات الحكومية والمناطق التعليمية قد أسهمت في استقطاب شرائح من الطلاب والطالبات مثل “صيف بلادي” و”صيفنا مميز”، إلا أن هناك أعدادا أخرى تفضل قضاء أوقات فراغها بعيدا عن هذه البرامج التي ترى افتقادها للجاذبية بعد أن أصبحت “تقليدية” في نظرهم، وتقتصر على الفترة الصباحية.
هذه الفئة بالذات يفترض أن تكون محط رعاية خاصة واهتمام ومتابعة من قبل الجهات المعنية التي تدرك قبل غيرها نتائج الفراغ الطويل غير المستغل بصورة إيجابية، وبالذات دوائر الشرطة التي تسجل ارتفاعاً في قضايا الأحداث خلال فترات الإجازة الصيفية. لذلك كانت لدوائر وزارة الداخلية ممثلة بإدارات الشرطة المجتمعية مبادرات نوعية ملموسة في هذا الاتجاه، وهي تتحرك لحماية النشء بحسن الاستفادة من أوقات الفراغ لديهم وتوعيتهم بالصور الأمثل للانتفاع من وسائل الاتصال الحديث، خاصة ونحن نتابع حجم التحديات التي ترتبت على دخول هذه الوسائل لمفرداتنا وحياتنا اليومية.
وقد أصبحت تلك الوسائل بوابة يستدرج من خلالها الأغرار لترويج الانحرافات الخلقية والجرائم الجنسية والترويج للمنشطات والمخدرات وتمجيد الأفكار المنحرفة والغلو والتطرف والتشجيع على العنف وألعابه وغيرها من الأمور التي باتت تطل على مجتمعنا من بوابة الشبكة العنكبوتية ومواقع التواصل الاجتماعي.
وقد أصبحت هذه المواقع محل تحذير ومتابعة مستمرة من قبل كافة الجهات المعنية بسلامة واستقرار المجتمعات في العديد من الدول، حتى في أكثرها تحرراً كالولايات المتحدة وغرب أوروبا بعد أن سجلت سلسلة متلاحقة من الجرائم الخطرة وجرائم الكراهية والعنصرية، وارتفعت معها الأصوات لمكافحة هذه الظواهر التي باتت تستغل الفضاء المفتوح للإضرار بالشباب وتمس سلامة المجتمعات بصورة غير مسبوقة، وأصبحت تمثل تحديا حقيقيا للحكومات والمجتمعات والجهات التنفيذية المعنية بتنفيذ القانون، وحتى الأسر والأفراد على حد سواء.
وقد تابعت مبادرات للشرطة المجتمعية ومجلس أبوظبي للتعليم في هذا المجال، إلا أن تلك المبادرات تاهت بين اللجان التي لم نعد نسمع باجتماعاتها التنسيقية، وما أثمرت عنه بعد ذلك، في وقت يفترض أن يكون لهذه المبادرات طابع الاستمرارية والديمومة، لأنها تتعلق بأمور تخص فئات عمرية عند منعطفات حياتية خطرة. لذلك نجدد الدعوة لكل من يهمه أمر هذه الفئات بضرورة العمل على ملء أوقات فراغهم بجديد البرامج والمبادرات الكفيلة باستقطابهم، وتحقق حسن استفادتهم من طاقاتهم وقدراتهم، لما فيه النفع والصلاح لهم وأسرهم، ووطنهم الذي ينتظر منهم الكثير لأنهم رهان المستقبل.


ali.alamodi@admedia.ae