عندما نذكر إيران نفكر في خليجنا العربي، نفكر في الأمن والاستقرار نفكر في علاقات آمنة مطمئنة تسودها الثقة والاحترام المتبادل في التاريخ المديد، والجغرافيا المشوبة بالأسئلة، نفكر في العلائق ومتعلقات هذه العلاقة التي لا بد وأن تغتسل جيداً في مياه الخليج العربي، ولتشرق الشمس، واضحة صريحة بلا غيوم ولا هموم ولا نجوم مراوغة.. نفكر في كل ذلك لأننا على ثقة من أن إيران الجارة، والتي تربطنا بها علاقات تاريخية وثقافية واقتصادية، لو أحسنت إيران استخدامها لأصبحنا جميعاً ننعم بخيرات الاستقرار، ونأت عنا ملاحم الهدير اليومي، والزئير الذي لا نفع منه سوى أنه يصف المنطقة بغابة الوحوش.. نحن بحاجة إلى إيران، وإيران بلا رئة اقتصادية، في غياب الصدر الخليجي، وهذه هي سنة الحضارات، وما سادت ثم بادت إلا تلك الحضارات التي تحصنت بالأنانية، وتوسعت واتسعت حتى شاخت، وأصبحت كعصف مأكول. التطابق في الحضارات والتكامل هو الأصل الذي يثري إبداع هذه الحضارات وبقاءها وقوتها، وبريقها وتألقها.
شعوب الخليج العربي، تواقة دوماً إلى هذه العلاقة البناءة مع إيران، لأن من شيم الصحراء العربية، أنها لا تدفن أشجار التاريخ، ولا تلغي فواصل الكثبان، بل هي صحراء بفضاء يتسع لأفكار وأشجار وأخبار وأسرار، وأطوار وحوار، الأمر الذي يجعلنا دائماً متفائلين جداً بهذا التواصل، ونعتبر كل غيمة بشارة لهطول يثبت عشب الوضوح في الرؤية الإيرانية، والاعتدال في تناول القضايا التي تهم المنطقة.. نحن متفائلون جداً، لأننا أبناء وأحفاد من أبحروا في هذا الخليج الأغر، وانتظروا منه الخير على الرغم من هدير أمواجه، وتوحش أعماقه.
نحن متفائلون، ورسائل السلام التي تبعث إلى إيران من دول المنطقة، وفي مقدمتها دار السلام “الإمارات”، بأن تضع إيران نفسها أمام الأمر الواقع وتستوعب أنه بالحب تختزل المسافات، وبالصدق تذوب الشوائب، وباحترام إرادة الآخر تتفتح أزاهير العلاقة الوطيدة، وبالتخلي عن النظرة السوداوية للعالم يشرق وجه الكون، وبالاعتراف بقيم التاريخ على صفحات الجغرافيا ترتل العلاقة الإنسانية بين الشعوب أدلة انتمائها إلى الحضارات الحية والنابضة.
فكم هي الحاجة ماسة، إلى هذه العلاقة المرتبة المهذبة المذهبة بمعدن النفوس الزكية والنفائس الغنية، كم هي العلاقة الوطيدة ضرورية لدول تطوق منجم التواصل الحضاري بين القارات، وتحيط بمعجم اللغة الاقتصادية، وما يجعلها ذات أهمية قصوى للعالم أجمع، وذات حدقة أوسع تلم بجهات الدنيا، وتضم البحار والمحيطات.. كم هي الطمأنينة معصم البقاء، ومفصل الوجود، لمنطقة لا تحتمل ضخامة الشعارات، بقدر ما تحتاج إلى فخامة الحوارات البناءة والمفيدة، والتي تردع الشر عن شعوب تتطلع دوماً إلى المستقبل الزاهر والمبهر.


marafea@emi.ae