لسنا بحاجة إلى تحليلات سياسية أو مرئيات استراتيجية، فالوضع في المنطقة، كما ذكرنا في مقال سابق قبل يومين، قلق أكثر مما ينبغي، وكل الاجتهادات تؤكد أن أمن الإمارات واستقرارها مستهدف، لا لشيء إلا لأن الإمارات جزء من هذا المحيط، وجزء في المعادلة الاستراتيجية، وبالتأكيد لن تترك بعيداً عن دوائر الاستهداف، لذا فالجميع مطلوب منه توخي أقصى درجات الحذر، هناك خط أحمر، علينا أن نتفق عليه جميعاً بلا استثناء، ألا وهو أمن الإمارات، الإمارات التي تقطف اليوم ثمار عقود من التنمية والبناء الدؤوب، اشتد عود شجرتها وأينعت ثمارها، فلا عجب أن قيل “لا ترمى إلا الشجرة المثمرة”.
لماذا الإمارات؟ لأنها واحة أمن واستقرار، ومنطقة جذب ناجحة ولافتة إنسانياً واقتصادياً، ولأنها بلاد التنمية الاقتصادية المتسارعة والمشاريع المذهلة، ولأن الناس فيها مطمئنون آمنون على أرواحهم وممتلكاتهم ومستقبل أبنائهم، كل هذه المغريات كفيلة بإثارة شهية الحقد والإرهاب، ثم إن الخريطة العربية كلها تقريباً برسم الفوضى، تتأرجح بين الثورات والتغيير والحروب والطائفية والانقسامات الدينية والمذهبية والعرقية، بلدان تئن من الفقر، وأخرى من الجوع، وثالثة من انعدام الأمان، ورابعة من التأزيم السياسي، وغير ذلك، بينما ينعم الإماراتيون بوطن آمن ومعيشة مرفهة، وهذا سبب كاف للاستهداف كما يظن صناع الإرهاب والفوضى!
كلنا يعلم مدى يقظة وحرص القائمين على حفظ أمن واستقرار الوطن، لكن يبقى المواطن المنتمي المخلص هو خط الدفاع الأساسي الذي يشكل رأس الحربة في تفويت أي محاولة للعبث، من هنا يتوجب علينا جميعاً، نحن الذين ننعم بخيرات هذا الوطن، أن نعطي كل الإشارات الواضحة، وبالصوت المسموع الدال على اصطفافنا لصالح إماراتنا المستقرة، لأننا بذلك الخيار إنما ننحاز إلى حياتنا ومستقبلنا وحياة أطفالنا، الفوضى لا تأتي بالخير، لا تنبت الفوضى إلا الدمار واليباس وانفجار بركان الأحقاد.
تستحق الإمارات أن تكافأ بالخير والمحبة، لأنها بلاد لم تعرف ولم تقدم لأهلها وللعالم إلا المحبة، كانت وبقيت يداً ممدودة، وواحة وسط صحارى النبذ والشتات والحروب العربية التي هجرت أبناءها وتخلت عنهم، وحدها بلدان الخليج، والإمارات على رأسها، من فتحت أذرعها واستقبلت ورعت وأعطت بلا حساب وبلا منة ، كان قنديلها وهاديها ورمز عطائها البناة المؤسسون، وأولهم المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، لقد علمونا درس العطاء والاعتراف بالفضل وحق المشاركة في الثروة مع كل الإخوة في كل الدنيا، لذلك يتحرك الجميع في طرقات الإمارات هانئين بأمنها وأمانها، لأنهم جاءوا يبحثون عن هذا الحلم المفقود.
إماراتي وأنت أمي الحانية، ووجه أبي الذي لا أشبع من تأمله، وحنان أختي وشهامة إخوتي وكرم جيراني، وفزعة أهلي كلهم، واليد الخضراء التي ما فتئت تربت علينا صباح - مساء، وتهدينا ياسمين الأمن ودفء الأمان، كيف لا نفزع ولا نغضب ولا نكون قلباً ويداً ولساناً يدعو لك ويفتديك، إماراتنا البهية كحزمة زنبق، والنقية كصلاة أم، ودعوات أب حنون: أمنك خط أحمر لا مساومة ولا مسامحة لمن يفكر في تجاوزه، ولمن يفكر في مجرد الاقتراب منه.


ayya-222@hotmail.com