ربما لا يعرف عدد كبير من مواطني الوطن العربي الكبير أن يوم الخامس عشر من شهر سبتمبر، والذي صادف نهار أمس الأحد يحمل اسم (اليوم العربي للديمقراطية ) نعم، الديمقراطية أيها المواطنون العرب، ألا زلتم تذكرونها؟ أم أنكم أصبحتم تتعوذون منها بعد ما جرى في العراق وليبيا وتونس ومصر وسوريا؟ إذا كنتم لا زلتم مؤمنين بها فإن هذا اليوم وضع خصيصا على روزنامة التواريخ العربية ليذكركم بأيام صعبة ستذكرونها يوما في برنامج”حدث في مثل هذ اليوم”، فلقد حدث وأحرق شاب تونسي نفسه وسط السوق وأمام عربة الخضار خاصته ومرأى الناس ليشعل وطنا بأكمله، وليهرب رئيس الدولة وتكر المسبحة، وليصرخ مواطن آخر في وسط الشارع كالمجنون “ أيها التوانسة بن علي هرب، لقد هرمنا بانتظار هذه اللحظة التاريخية”   حل نهار الأمس ورحل كيوم عادي وربما أقل من عادي، كل ما هنالك أنه شكل للبعض كآبة بداية أسبوع آخر للعمل، وشكل لآخرين يوم زواج، أو يوم عيد ميلاد، أو أية مناسبة أخرى، لكن لا شيء آخر، في الوقت الذي احتشد فيه البرلمانيون العرب في أحد فنادق القاهرة ليؤكدوا أنهم لن يتزحزحوا خطوة واحدة عن مطلب الديمقراطية، بينما يغرق عالمنا العربي في أوحال الوضع السوري، وتهديدات الجماعات المتطرفة، وتفجيرات العراق، وبعبع الأسلحة الكيماوية، ألا زلتم أيها المواطنون البسطاء متمسكين فعلا بالديمقراطية كما قال نبيل العربي الأمين العام للجامعة العربية أمس؟ في الحقيقة لقد سمعنا العربي يقول ذلك لكننا لم نسمع المواطنون العرب! وسط تحولات سياسية كبيرة وملتبسة، وبخطوات على طريقة “واحدة للأمام واثنتين للخلف” نمضي نحو الحلم القديم، حلم الديمقراطية العربية، فلا التفجيرات نفعت، ولا المظاهرات، ولا قتل المتظاهرين، ولا نظرية المؤامرة، ولا القنوات الفضائية العربية التي توالدت كالفطر في الواقع العربي خلال شهور الربيع الذي اغتيل فجأة قبل أن تتفتح زهوره، الديمقراطية عصية جدا، نبتة غريبة تحتاج مناخات مختلفة، يقول البعض إنه كما لا يمكن زراعة  القهوة والشاي والخشخاش في النرويج  وفرنسا، فإننا لا يمكن زراعة الديمقراطية في البيئة العربية ! لكننا متفائلون بالديمقراطية أكثر من هؤلاء النفر المتشائمين،  نعتقد بأن العلم والتطور يمكنه أن يكيف الظروف ويعدل الشروط ويجعل زراعة الديمقراطية ممكنة في الصحراء وعلى ضفاف أحواض الحضارات العربية الكبرى، فقط نحتاج أن نصبر قليلا كي يعبر الوطن العربي الكبير مستنقعات الأحوال السياسية المعقدة التي يشهدها حاليا، ليتم تجفيف المستنقعات، واستصلاح الأرض، وتغذيتها ومن ثم وضع البذور، “إن عمليات الانتقال نحو الديمقراطية وبناء المؤسسات تكتنفها صعوبات وتحديات كبيرة اقتصادية واجتماعية وسياسية وأمنية وتطلعات متزايدة لشعوبنا في إنجاز عمليات تحول كبرى” هكذا لخص رئيس البرلمان العربي الحكاية باختصار في اجتماعات القاهرة أمس!  نعتقد جازمين أن الديمقراطية تحتاج إرادة  شعبية وسياسية أولا وقبل كل شيء فإن لم نرد أن نجفف المستنقع فعلا، فسنظل نخترع حروبا ومعارك وألعابا سحرية لنبقى نخوض فيه ونتهمه بأنه السبب في تأخيرنا، على صناع القرار في العالم العربي أن يسألوا أنفسهم أمام مرآة أنفسهم: هل نريد الديمقراطية؟ إذا كانت الإجابة نعم، فلننتقل إلى السؤال الثاني: هيا جففوا المستنقع جميعكم أنتم والمواطنون معا!! ayya-222@hotmail.com