يجد الثرثارون صعوبة في التعاطي بسهولة مع موقع التواصل الاجتماعي “تويتر” الذي لا يسمح لمستخدميه بأن يكتبوا في كل رسالة أكثر من 20 كلمة أو حتى أقل، وفي حالة إرفاق صورة للرسالة فلن يتمكن صاحب الحساب من كتابة أكثر من 15 كلمة، غير أن هذا لم يمنع البعض من بث ثرثرتهم عبر رسائل متتابعة (لا حدود لها) فيها من الشر أكثر من الخير -للأسف-؛ لم أتوغل كثيراً في هذا العالم الافتراضي رغم فتحي لحساب منذ أربع سنوات إلا بعد أن أضاف الموقع اللغة العربية؛ فبعد أن زاد عدد المغردين العرب وجدت في الطائر الأبيض المحلق تحقيقاً لما تمناه “فولتير”. ولمن لا يعرف فولتير.. أقول له، إنه “فرانسوا ماري” مفكر فرنسي وأحد ملهمي الثورة الفرنسية، صاحب المقولة الشهيرة: “قد أختلف معك في الرأي، ولكني على استعداد لأن أدفع حياتي ثمناً لأن تقول رأيك”. بالتأكيد لم يتوقع فولتير الذي قال هذه الجملة منذ ما يقارب قرنين ونصف، أن هناك طائراً أبيض سيحلق هنا وهناك تاركاً مساحة يقول الجميع فيها آراءهم حتى وإن اختلفت ألوان ما يقولونه مع نقائه الأبيض وسعة حدوده الزرقاء!
من حق الجميع -حسب ما توفره مساحة الحركة في الموقع- أن يكتب ما يشاء، وفي ساحة الطائر الأبيض “تويتر” ينقسم الناس، فهناك من يفكر ويطرح رؤاه حول الحياة، وهناك النوع الثاني من الذين يقتنعون برؤى النوع الأول وينشرونها ويناقشونها ويضيفون عليها وينشرون رؤاهم الجديدة، أما النوع الثالث فهو من يراقب فقط ليصطاد أو يختلق زلات وأخطاء للآخرين، فيقوم بتضخيمها وعمل “هاشتاق” فضيحة لها. ويتعامل الطائر الأبيض مع هذه الأنواع الثلاثة بذات الطريقة التي تتعامل بها الحياة معهم، فتأخذ من الأول لتصنع التاريخ والمجد وتنشر الحب والفرح فيها، وتتحالف مع قوى الطبيعة لإنجاح من يراقب ويحاول أن يعمل، فيما تمضي متجاهلة تماماً النوع الثالث الذي قرر أن يلفت انتباه الآخرين بقذف الحجارة، رغم ما يصيبنا من ضرر إلا أن أثرهم يبقى صبيانياً لا دافع له سوى الرغبة في لفت انتباه الآخرين. ولا مانع في تحقيق ذلك من تكسير نجاحات الآخرين الاستهزاء بإنجازاتهم؛ فيما الحقيقة أنهم لا يملكون أي أدنى قدرة على إنجاز شيء قريب من إنجاز الآخرين.
في “تويتر” يكفي لكي تفتح نقاشاً، أن تصنع “هاشتاقا” ويكون بإرفاق كلمة أو جملة معينة متبوعة بعلامة # ، وفي حالة عمل ذلك يمكنك أن تتابع كل ما كتب وإرفاق تغريداتك بهذا الهاشتاق؛ وبالتالي المشاركة في الحوار، مع أناس لا تعرفهم فلا أنت تتابعهم أساساً ولا هم يتابعونك. ولكن عبر هذا الهاشتاق تكتشف أناسا جددا رائعين تكون في مناقشتهم إضافة حقيقية لفكرك، ومنهم من هو على النقيض تماما فيجعلك تتمنى لو أن هذا الاختراع الذي يسمى “تويتر” لم يكن موجوداً في الأساس. ورغم الوجود المكثف لهذه الفئة الغريبة إلا أن الطائر الأبيض يعود من جديد ويحلق بك بعيداً للجانب المشرق حيث المغردين الإيجابيين الذين يساهمون في صنع الجمال ويبثون الأمل في أركان اليوم ويزرعون الضوء في جنبات الأرض المظلمة.. فتحية لهؤلاء الرائعين.


als.almenhaly@admedia.ae