يرتبط اللبن كمادة غذائية بتراث الإنسانية جمعاء، وبالعرب خاصة لكونه غذاء أساسياً في حياتهم البسيطة المعتمدة على الرعي والماشية بأنواعها، من نوق وغنم وبقر، ومن أشهر الأمثال العربية في الصيف ضيَّعت اللبن يضرب لمن قنع باليسير إذا لم يجد الكثير. يروى أن امرأة تدعى دختنوس بنت لقيط بن زرارة كانت زوج عمرو بن عداس، وكان كبير السن فكرهته لسوء أخلاقه وطبعه وشكله فطلقها وكان الوقت صيفا، ثم تزوجها فتى جميل الوجه من قبيلتها ذو إبل وماشية وخير وفير. وبعد سنة على زواجهما أصاب القرية قحط فأجدبت الأرض وقل العشب فأصبحت الماشية لا تدر لبناً فبعثت دختنوس بنت لقيط إلى زوجها السابق عمرو رسولاً تطلب منه مذقة لبن (شيئاً يسيراً من الحليب) فقال عمرو لرسولها: أبلغ سيدتك قولي هذا: (في الصيف ضيعت اللبن) فلمّا رجع الرسول وجدها جالسة بالقرب من زوجها، وقال لها ما قاله عمرو، فضربت يدها على منكب زوجها وقالت: هذا ومذقة خير.‏ تعني أن هذا الزوج مع عدم اللبن خير من عمرو، فذهب قولها مثلاً يضرب لمن قنع باليسير إذا لم يجد الكثير، وذهب قول عمرو لمن يطلب شيئاً قد فوته على نفسه. يُقال أول اللبن اللبأ، ثم الذي يليه المُفْصحُ ثم الصريفُ، فإذا سكنت رغوته فهو الصريحُ، فإذا خَثُرَ، فهو الرائب، فإذا حذى (قرص) اللسان فهو القارص، فإذا اشتدت حموضته، فهو الحازرُ أو الحاذر، فإذا انقطع وصار اللبن ناحية والماء ناحية أي انفصل الماء عن اللبن فهو (مُمْذَفِرٌ)، فإذا خَثُرَ جداً وتكبّد، فهو عُثَلِطٌ وعُكَلِطٌ وعُجَلِطٌ، فإذا حُلب بعضه عن بعض من ألبان شتى فهو (الضّريبُ) فإذا مُخِض واستخرجت منه الزُّبدة فهو (المخيضُ) فإذا صب الحليب على الحامض فهو (الرثيئة والمُرِضَّةُ) فإذا سُخّن فهو (الوَغير). أحمد شوقي: فَكَّرتُ في لَبَنِ الجِنانِ وَخَمرِها لَمّا رَأَيتُ الماءَ مَسَّ طِلاكِ لَم أَنسَ مِن هِبَةِ الزَمانِ عَشِيَّةً سَلَفَت بِظِلِّكِ وَاِنقَضَت بِذَراكِ كُنتِ العَروسَ عَلى مَنَصَّةِ جِنحِها لُبنانُ في الوَشيِ الكَريمِ جَلاكِ يَمشي إِلَيكِ اللَحظُ في الديباجِ أَو في العاجِ مِن أَيِّ الشِعابِ أَتاكِ ضَمَّت ذِراعَيها الطَبيعَةُ رِقَّةً صِنّينَ وَالحَرَمونَ فَاِحتَضَناكِ وَالبَدرُ في ثَبَجِ السَماءِ مُنوِّرٌ سالَت حُلاهُ عَلى الثَرى وَحُلاكِ إسماعيل ديب | Esmaiel.Hasan@admedia.ae