?«?تريد أن تنشئ الذوق الفني المصفى في نفوس الشباب?... ?ليحبوا الجمال ويذوقوه،? ?ثم لينشئوا الجمال ويبتكروه، ثم ليضيفوا إلى فنهم القديم فناً حديثاً،? ?ثم ليشاركوا في تنمية هذا الترف الفني العالمي الذى? ?يجعل الإنسان إنساناً،? ?ويحببوا الحياة إلى النفوس،? ?ويجعلوا الدنيا شيئاً ذا شأن على رغم ما? ?يحيط بها من هذه الظروف البشعة التى تجعلها أهون على الرجل الكريم من جناح بعوضة،? ?لولا أن فيها أشياء تتصل بالذوق فتجعل لها قيمة وشأنا?ً.. ?تريد أن تنشئ الذوق الفنى في نفوس الشباب،? ?ليستقبلوا الحياة راغبين فيها،? ?محبين لها،? ?مؤمنين بها?... ?ليتجاوزوا الحياة إلى ما هو أرفع منها شأنا?ً... ?فهو أمر? ?يسير كل اليسر،? ?ولكن على ذلك عسير كل العسر?... ?وأي شيء أيسر وأقرب من أن تمنح الشباب ما? ?ينبغى لهم من الحرية التى تتيح لهم أن? ?يقبلوا،? ?وأن? ?يرفضوا،? ?وأن? ?يحبوا وأن? ?يبغضوا?... ?حين? ?يريدون هم لا حين? ?يريد? ?غيرهم?. ?حرِّر الشباب قبل كل شيء عن القيود،? ?دعهم? ?يفكروا كما? ?يريدون،? ?وأرشدهم بالقدوة الصالحة والأسوة الحسنة والنصح الرفيق?. ?وثق بأنك إن فعلت أعددت نفوسهم للذوق الفني الرفيع أحسن إعداد?. ?إنك لتعلم أن الفن حرية قبل كل شيء،? ?حرية واسعة إلى أبعد? ?غايات السعة?... ?إن الفن حرية لا رق،? ?فإذا أردت من الشباب أن? ?يذوقوا الفن ويحاولوه ويبتكروه،? ?فاجعلهم أحراراً،? ?لأن الفن أثر من آثار الأحرار لا من آثار العبيد?».? هذه الكلمات السابقة هي كلمات طه حسين،? في مقال له بعنوان? «?الحرية أولا?» ?من كتابه? «?مرآة الضمير الحديث?». ?وقد تذكرت هذه الكلمات لأننا هذه الأيام نفتقد هذه الحرية لأسباب كثيرة عدّد طه حسين بعضها،? ?منها التقليد الاجتماعى المكتسب الذي يلزم الشباب أن? ?يعيش كما عاش من قبله ومن حوله،? ?ومنها السلطان الذي شرع القوانين قاسية مرهقة مقيدة. ?وما أكثر ما حارب طه حسين من أجل هذه الحرية ليتيح لنفسه أن? ?يكتب كتابة الأحرار لا كتابة العبيد?!. ولم? ?يتردد في دفع الثمن الباهظ الذى كان عليه أن? ?يدفعه من أجل ممارسة هذه الحرية?. ?? وظل طوال حياته? ?يحارب لاكتساب هذه الحرية،? ?وينتصر على أعدائها. طوال حياته التى لم تنطفئ فيها جذوة اللهب التي تتوهج بها الروح الحرة والعقل الثائر على كل القيود?. ?هكذا تحدى طه حسين العمى وانتصر عليه بالبصيرة التي جعلته? ?يبصر ما لا? ?يبصره المبصرون? ?وتحدى الجهل بإصراره على مواصلة التعليم فى الأزهر،? ?وتحدى مشايخ الأزهر الذين أرادوا سلبه الحرية التي انطوى على لهبها،? ?ولم? ?ييأس عندما أسقطه مشايخ الأزهر في امتحان العالمية،? ?فترك لهم الأزهر بعبوديته،? ?وذهب إلى الجامعة التي فتحت له من آفاق الحرية ما جعله? ?يحصل على درجة الدكتوراه الأولى في العالم العربى?. ?لذلك أقام الدنيا ولم? ?يقعدها عندما أصدر كتابه? «?في الشعر الجاهلي?». و?حين فرضوا عليه مراجعة الكتاب نشره بعد عام بعنوان? «?في الأدب الجاهلي?» ?مع تصديره بفصل تمهيدي عن ضرورة حرية البحث الأدبي?. ?وظل? ?يعيش ويكتب بعقل حر،? ?لا? ?يتردد فى دخول المعارك مهما كان الثمن?. ?ولذلك لا? ?غرابة في أن? ?يكون أكثر أبناء جيله كتابة عن الحرية التي لابد أن تكون وإن كره الكارهون أو الخائفون منها?.?