في زاوية هذا الأسبوع، قررت منافسة زميلنا سعيد البادي والذي "هرانا" بالكتابة عن سفرياته التي لا تنتهي حول العالم والمواقف التي تعرض لها، وسأكتب عن رحلتي للمغرب في الأسبوع الماضي وكيف يمكن أن يتغير مزاجك من النقيض إلى النقيض في لمح البصر. يقال إن الرفيق قبل الطريق، هذه الحكمة تذكرتها في أول يوم لي بمدينة طنجة المغربية، فبعد رحلة طويلة بالطائرة من دبي إلى الدار البيضاء ناهزت الثماني ساعات، وأعقبتها رحلة ثانية بالسيارة من الدار البيضاء إلى طنجة زادت على الأربع ساعات، وجدت نفسي في نهاية المطاف وحيداً في مدينة لم يسبق لي زيارتها ولا أعرف فيها أحداً. من حسن الطالع أن الفندق الذي اختاره مضيفنا يقع في مكان استراتيجي، حيث يوجد الكورنيش من أمامي والسوق من خلفي، وشكل المكان العام يشجع على التجول فيه فالمنطقة جميلة ومرتبه لأقصى حد وتشجعك على التعرف إليها، لكن يا فرحة ما تمت، محاولة الاستمتاع بالمكان وتمضية الوقت لم تكن مثل ما أتمنى بسبب "الطلاليب" المنتشرين في المنطقة وهم من النوع الغريب الذي يلتصق بك مثل ما يلتصق ذباب الصيف بالطعام. محاولتي الأولى في التجول على الكورنيش لم يكتب لها النجاح وتحولت إلى مهمة للتخلص من "الطلاليب". عدت إلى الفندق وجربت حيلة أخرى بتغيير ملابسي وارتداء زي رياضي لعل وعسى أحظى بفرصة للتجول دون منقصات، لكن الأمر لم ينطل عليهم، لذلك لم يكن هناك بد من العودة إلى الفندق وتمضية بقية اليوم فيه وحيداً. الشعور بالوحدة في مكان غريب ليس بالأمر الجيد ولا يشجعك على البقاء، ربما لو كان الأمر بيدي لغادرت على الفور، لكن بما أن الرحلة قائمة على مهمة عمل لم يكن هناك بد من البقاء والاستمرار، وإقناع النفس بأنها مجرد أيام معدودة ستمر مثل بقية الأيام التي تمر. هذا أمر مؤسف أن يحصل في مكان جميل مثل مدينة طنجة التي تنبض بالحياة والتنوع والطقس الرائع، لكن ربما كان هذا هو قدر هذه المدينة الجميلة بأن تتحول إلى نقطة استقطاب تجذب مختلف الشرائح بمن فيهم صائدو الفرص. هكذا انتهى اليوم الأول بصورة رتيبه وممله وكان تخوفي أن تكون بقية أيام الرحلة على شاكلة هذا اليوم، لكن سبحان من يغير ولا يتغير، رحلتي المملة والرتيبة انقلبت رأساً على عقب وتحولت إلى رحلة ممتعة وجميلة بمجرد أن وجدت من أصادقة وأتجول معه، وبدأت أشاهد طنجة بعيون مختلفة انقلبت معها رغبتي بسرعة الرحيل إلى أمنية بأن تطول فترة البقاء. صدق من قال، الرفيق قبل الطريق، فأجمل الأماكن يمكن أن تكون مضجرة لو لم يكن لديك رفيق أو ونيس. salshamsi@admedia.ae