لماذا نجتر الحديث طويلاً عن مهرجان الرطب، هذا الحدث الفريد في الإمارات، ولماذا نهتم ونتابع صعوده إلى مستويات متقدمة منذ بداياته، وكيف نصنع من هذه التظاهرة السنوية حدثاً عظيماً ومهماً، يتجاوز حدود الإمارات، وكيف نجعله واحداً من المهرجانات الكبيرة ذات الصيت العظيم. بالتأكيد، يملك السادة المشرفون والمنظمون والراعون لمثل هذا الحدث الجميل الإجابة. ولكن سوف نساندهم بالتشجيع والكتابة والدعوات العامة والخاصة، وبالاهتمام والالتفات لواحدة من الظواهر الرائعة في إماراتنا الحبيبة، التي تهتم بالزراعة والإنتاج الزراعي السند الأكبر والأهم لأي بلد يتطلع إلى رعاية ثروته الطبيعية الدائمة له وللأجيال القادمة. في الفترة الحالية ابتعد الشباب عن البحث عن كنوز الأرض وعطاياها من ثروة طبيعية، من المهم رعايتها وتطويرها والتعريف بأهميتها للشباب وحتى التلاميذ في المدارس، حيث الاهتمام ضعيف بالثروة الزراعية والإنتاج الزراعي، وكل ما يتعلمه التلاميذ معلومات سريعة عن النخلة وبعض الحمضيات. وكثيراً ما تتفاجأ عندما تسأل الأجيال الجديدة عن أنواع النخيل وثمارها والفروق بين نخلة وأخرى، فجرب أن تسأل هؤلاء الصغار عن أنواع الرطب، فالكثير لا يعرف غير أن هذا رطب أحمر وذاك رطب أصفر، فهو لا يعرف الخنيزي من الخصاب ولا اللولو من الخلاص، فما بالك بالأنواع الأخرى الكثيرة مختلفة الأشكال والأحجام. إن عالم النخيل وثماره يحتاج إلى خبراء في النخيل وعارفين في الزراعة.. إنه بحر واسع، ذلك التنوع في أشجار النخيل وثمارها وعطاياها الخيرة، هذا في أنواع وأشكال الرطب، فما بالك بالتمور وصناعتها وطريقة تصنيفها وترتيبها وحفظها، سواء الطرق القديمة منها أو الحديثة التي زادت في تنوعها وشكلها ورونقها الجميل. وتأتي أدوات جني الرطب من طريقة التقاط البشرة أو البشارة، إلى بدء عملية الصعود الطويلة على النخلة، ولذلك لا بد أن تأتي أداة أخرى لتعين على الصعود، وتظهر أهمية الحابول وهو صديق المزارع الدائم، حيث من دونه لا يمكن أن تصل إلى الرطب في النخلة الطويلة أو العوان، ومعها لا بد أن تأتي أهمية المخرافة وهي الوعاء الذي يوضع به الرطب، ثم تندرج أدوات أخرى في فصول الاحتفاظ بالرطب أو التمر للأشهر الطويلة، حيث إنه الغذاء الدائم والسند القوي للناس قديماً وحديثاً، وهنا لا بد من وجود الوخيفة أولاً لحفظ الرطب، ثم تأتي القلة لحفظ التمر، وبعدها يأتي الكنزا الكبير حافظ ثروة النخيل لمواسم طويلة، إنه (اليراب) “زوادة” الشتاء والصيف، إنه عالم واسع من عطايا النخيل وهو الذي حفظ هذه الجزيرة العربية، ومنها الإمارات من عاديات الأيام، خاصة في الأزمنة الماضية عندما ينقطع المطر وتجدب الأرض ويموت الزرع والضرع؛ وحدها ثمار النخيل وثمرها يظل المعين الدائم والسند القوي لحياة الناس وقوتها الثمين. لهذا ولأهمية مهرجان الرطب والعناية بالزراعة والمنتوجات الزراعية، لا بد أن نقدم التحية والتقدير والاحترام الكبير لكل من عمل على ديمومة هذه التظاهرة السنوية، ومحافظته على التطوير والعناية بمهرجان الرطب، هذه الفكرة الرائدة التي نعضدها ونساندها جميعاً، لتظل الحدث الفريد والأهم في الإمارات، وهي بالتأكيد كذلك. Ibrahim_Mubarak@hotmail.com