عندما يحضر الوطن، فإن القلوب كلها تأتي من أعماق الأرض، من أقصى نقطة فيه، من الفيافي البعيدة، لتضعه في مقلة العين، صغاراً وكباراً يأتون، لا تهمهم الدروب ولا المسافة ولا التعب. إنها روح الإنسان المحب لوطنه، لا يهم كيف وماذا ستكون المناسبة، وإنما المهم أن ترتفع راية الوطن ويعلو شأنه ومكانته بين الأمم. نداء من الذات والداخل يدفع المحب أن يسعى إلى رايته ليقف داعماً أو مسانداً بكل قوته، بالصوت والعمل والدعم والمساندة لأي شيء يرفع مكانة الوطن الحبيب. كانت تجربة وصول منتخب الإمارات إلى حلم بطولة كأس الخليج العربي خير برهان على أنك عندما تحلم وتعمل على رفعة مكانة البلد واسمه بين المجتمعات المتطلعة إلى التقدم والرقي وتسجيل حضور ومكانة هناك، تأتيك الجموع المحبة لبلدها ووطنها لتسند سعيك نحو المكانة الرفيعة والمهمة في ظل التنافس الشريف، وهكذا كان، وظهرت صورة الإماراتي المحب من كبار السن وصغارهم، ليس من أجل لعبة وإنما من أجل وطن ومكانة عالية له ورفع رايته في كل ميدان ومحفل. كثيراً من الجماهير قد لا يكون اللعب وميدان كرة القدم همها، ولكن عندما يأتي اسم الإمارات ويحتاج تعضيداً ومساندة، فإن الجميع يد واحدة، ولعله اختبار جميل لهذا الشعب الجميل في حب الأرض والوطن، كل المنازل والناس كانت مشغولة بمتابعة ماذا سوف يصنع أبناء الإمارات في ميدان تخصصهم وهي لعبة كرة القدم، خاصة أنهم مؤهلون لتحقيق مكاسب كبيرة لوطنهم في هذا الميدان بعد أن سخرت لهم الدولة كل دعم ومساندة منذ أن كان هؤلاء صغاراً وفي فرق الناشئين وجاء رد الواجب للوطن، وفعلاً كانوا عند حسن الظن بهم، حيث قدموا كل جهدهم وضاعفوا العطاء فكان النصر حليف الإمارات الحبيبة. دائماً عندما يُعتنى بالشباب والمخلصين في الميادين المختلفة، لا بد أن يصلوا في النهاية إلى الهدف المرجو. الإمارات اليوم تفرح لأن هناك من يرفع رايتها ويقدمها صورة جميلة ورائعة في الميادين التنافسية. ولعل هذه التجربة الجميلة والاستثمار الجميل في هؤلاء الشباب يدفعان بكل المؤسسات الشبابية والثقافية والعلمية والفنية إلى أن تقدم العطاء للوطن عبر الفئات المختلفة، فمن يستثمر في الإنسان والشباب لا بد أن يجني الثمار ويعزز حب الأرض والوطن. لقد كان موقف أبناء الإمارات من دعم علم وراية وطنهم شيئاً مثيراً للإعجاب ـ ليس لدينا فنحن، فقد تربينا على الحب والوفاء للوطن والإخلاص للأرض ـ عند الآخر الذي يشاهد التمزق والفرقة في وسط مجتمعاته، بينما الإمارات التي بنيت على الحب والسلام، يرص الناس صفوفهم لرفعة شأن الوطن. إن الحب الذي زرع في هذه الأرض ولا يزال يزرع كل يوم، هو النهر الذي يسقي حبنا للإمارات وأرضها الجميلة. وأهم صورة شاهدها الناس وأحبها، تلك الحماسة الشديدة من قبل جمهور الإمارات في مساندة الأبناء وتدفقهم بأفواج كبيرة من كبار السن إلى الأطفال وفئات المجتمع المختلفة لتذهب إلى مملكة البحرين دون أن تضع حساباً للخسارة، فالإمارات الحبيبة لا تخسر أبداً، خاصة نرى عزيمة شبابها وقوة تمسكهم بالفوز والنصر لأنهم يعلمون أن كل دعاء الأمهات والجدات معهم من أقصى الإمارات إلى أقصاها. كم كانت فرحة الجميع عارمة، لأن علم الإمارات ظل خفاقاً وعالياً في إحدى المنافسات المهمة. إبراهيم مبارك | Ibrahim_M barak@hotmail.com