جعل الالتزام بالقانون واحترامه جزءاً من السلوك اليومي للإنسان في أي مجتمع من المجتمعات، يتحقق بمتابعة منفذي تطبيق القانون للأمر على مدار الساعة، وعدم جعل المتابعة ظرفية أو خلال المواسم.
ُنُذّكر بهذه الحقيقة، بعد أن شاهدت إحدى دوريات المرور وأفرادها بالزي المدني يخالفون حافلات النقل الصغيرة، التي حولت العديد من الشوارع الخلفية في قلب أبوظبي العاصمة إلى مواقف عشوائية لتحميل وإنزال الركاب بصورة غير قانونية، ويستخدم البعض هذه الحافلات الصغيرة، لا سيما العمالة الآسيوية، لرخص أسعارها، على الرغم من افتقارها لأبسط قواعد السلامة المرورية.
استغرق الأمر أقل من نصف ساعة، وبمجرد أن غابت الدورية عن الأنظار، حتى عاد الوضع إلى ما كان عليه من فوضى ومشاهد غير حضارية، وهؤلاء يتجمعون بالقرب من بعض السفارات الأجنبية وفلل السكان. وتستمر تلك المخالفات أياماً قبل أن تتذكرها للحظات مثل تلك الدورية. ويتفاقم الوضع في أيام الإجازات والعطل، حيث يتجرأ البعض من هذه الفئات وينصب طاولات أو يفترش الأرض، وهو يلعب ألعاب مقامرة، سرعان ما ترتفع الأصوات بحدة، وأحياناً يندلع من دون مقدمات اشتباك بالأيدي، وتظهر عصي يهدد بها كل طرف. وفي تلك المناطق، فإن مظهر الباعة الجائلين ممن يعرضون للبيع هواتف نقالة أو بطاقات شحنها، وكذلك العمالة السائبة ممن يعرضون خدماتهم، أبسط صور تلك المخالفات.
وخلال العطل، تجد العائلات المواطنة نفسها محاصرة داخل البيوت بسبب الوجود الكثيف للعمالة السائبة في تلك الأحياء السكنية التي تحولت إلى مواقف عشوائية للحافلات الصغيرة.
وتزداد في أيام الجمع والعطلات أعداد المتوافدين لتلك المناطق، التي يبدو أن الشركات الكبيرة اعتبرتها ضمن مناطق الترفيه لعمالها لوجود الأسواق بجوارها، لذلك تقوم حافلاتها بتوصيلهم إليها، لتستبيح هي وآلياتها مواقف السكان، فمراقبو “مواقف” أيضاً في إجازة، والكل في عطلة.
غالبية الذين يقومون بمخالفة اللوائح والقوانين، سواء من سائقي تلك الحافلات الصغيرة، أو الذين يفترشون الأرض عارضين خدماتهم، أو يلعبون ألعاب مقامرة، أو الباعة الجائلين، يفدون من بيئات لا يحترم فيها القانون، فتجدهم يتجرؤون على القانون بمخالفاتهم تلك، وهم بين ظهرانينا، وتجدهم يتسببون في مشاهد وممارسات يبدو أن الجهات المعنية بالأمر لا تعتبرها من الأمور المسيئة للمظهر العام للمدينة، ولا تستوجب منها الحماس الذي تطبق به حملات إزالة الأطباق اللاقطة أو تبديل العلم أو تسرب مياه من مسكن هنا أو هناك، وفي مقدمة هذه الجهات الشرطة ودوريات المرور وبلدية أبوظبي.
إن هذه الفئات بحاجة إلى حملات متواصلة لترسيخ قواعد الالتزام بالقانون لديها، وأن ذلك من سلوكيات الانضباط التي تمارس، سواء بوجود ممثلي تطبيق هذا القانون أو في غيابهم، وهم بحاجة إلى رسالة قوية بأن القانون لا يعترف بوجود إجازات أو عطل، واحترامه والالتزام به ممارسة تطبق في كل الأحوال، وأن حملات تلك الجهات الرقابية على المخالفين يجب أن تتواصل على مدار الساعة. إذن هي رسالة مهمة للحفاظ على أبوظبي، التي بلا شك هي من أجمل وأنظف مدن العالم.


ali.alamodi@admedia.ae