ما نشاهده في أغلب المباني من رص وصف، ومن كم لا يعد ولا يحصى من الأطباق اللاقطة للقنوات الفضائية، يدعو إلى الريبة والشك من جهة، ويشوه المنظر العام من جهة أخرى. وفي كثير من الحالات، بل أغلبها، تفوق أعداد تلك الأطباق أعداد الشقق السكنية بتلك المباني، ولا نعلم ما هي استخدامات تلك اللواقط بالضبط؟ ولماذا هذا الكم الهائل منها في المباني؟ ما يعطيك انطباعاً بأن شيئاً ما خلفها. وإضافة إلى تشويه المنظر العام، فإن تلك الأطباق وطريقة تركيبها العشوائية، تعرض ساكني تلك المباني للخطر.
في إحدى المرات تأخر عليّ أحد الأصدقاء، وبعد وصوله رأيته بحالة يرثى لها، والعرق قد نال من ملابسه، استغربت من حاله وسألته ما وراءك؟ ولم كل هذا التعب والإجهاد البادي على وجهك؟ قال: تعبت.. منذ ساعتين أنا مع الفني فوق سطح المبنى أبحث عن مكان للطبق اللاقط في سطح العمارة التي أسكنها ولم أجد على الرغم من ضخامة المبنى، كل ساكن وضع أكثر من طبق، وكل طبق موجه إلى قمر، وفي النهاية “من سبق لبق”، فضحكت، وقلت له في النهاية لم تحصل مكاناً للطبق اللاقط، فرد لا، حصلت ولكن بعد عناء، أو بالأحرى لم أجد مكاناً لطبقي ولكني حصلت على طبق بالمشاركة مع أحد السكان، ولكن بمقابل، فقد دفعت له مبلغاً وسمح لي بمشاركته في طبقه، ضحكت وتذكرت حادثة وقعت معي، فبعد عام من تركيبي طبقاً فوق سطح المبنى الذي كنت أسكن فيه، اضطررت للصعود لسطح المبنى، لأفاجأ بكم هائل من الأسلاك تغطي أرضية سطح المبنى، ولما وصلت لأماكن الأطباق احتجت أكثر من نصف ساعة للتعرف إلى طبقي الذي رقمته برقم خاص بي، لأفاجأ بأن أربعة سكان يستفيدون من الطبق من دون علمي، رجعت للحارس، هزّ رأسه وقال لا أعرف من أوصل تلك الأسلاك واستخدم طبقك؟.
هذه القصة، توضح البعد الآخر الذي وصلت إليه ظاهرة الأطباق اللاقطة للقنوات الفضائية التي تتكدس فوق المباني، إذ تحولت لتجارة وسمسرة، وأغلب المستفيدين هم حراس المباني الذين وظفوا أنفسهم وسطاء للاستفادة من شح أماكن الأطباق اللاقطة على أسطح المباني، فالقضية لها أبعاد عدة وجوانب مختلفة، تؤثر سلباً في جميع الاتجاهات، فهي تشوه المنظر وتعيق عملية الوصول للسطح لو حدث أي عطل أو مكروه لا سمح الله، وتفتح باب السمسرة والتجارة من تحت طاولة “الناطور”، ناهيك عن من يثبِّت الطبق بالشباك، فتمر أمام مبنى تفاجأ بطبق لاقط مثبت بجانب أو تحت أو فوق الشباك، ما يشوه فعلاً منظر المبنى وبالتالي منظر المدينة.
واليوم .. عندما تدعو بلدية أبوظبي ملاك المباني والمستأجرين إلى إزالة الأطباق اللاقطة للإرسال التلفزيوني وتمديدات أسلاكها المنتشرة بشكل كثيف وعشوائي، فإنها بالتأكيد تنشد الحفاظ على نظافة المدينة وتحسين مظهرها العام وتعزيز جوانب الأمن والسلامة والحد من التلوث البيئي، ما يستوجب علينا جميعاً، مساعدة ومساندة البلدية في تحقيق أهدافها الجميلة.

m.eisa@alittihad.ae