لابد من كسر العقل المستبد، ولابد من إضاءة الطريق لعقول تتهجى سبل المعرفة من أجل فتح النوافذ طرداً للهواء الفاسد.. في العالم العربي اليوم، أصبح من المسلم به أن ما خربته الطائفية والمعتقدات التي جاءت من خلف جدران التاريخ يحتاج إلى وقفة تأمل وتبصر وتدبر ومحاسبة للنفس كي لا يضيع ما تبقى من لبن ولكي لا تفقد العصافير بقية أعشاشها إثر العاصفة الهوجاء التي صنعتها دوائر محكمة الإغلاق، عرفت نفسها بالجهادية مغطاة بأردية سميكة لا يرى ما تحتها بالعين المجردة. اليوم نحن بحاجة إلى مجاهر تفشي أسرار الكذب والتدليس وتدل الأجيال القادمة على الطريق الصحيح الذي يعرفهم على هويتهم وتاريخهم وحضارتهم وامتدادهم الجغرافي ومهدهم الثقافي، اليوم نحن بحاجة إلى كشف الحقيقة والابتعاد عن الهروب إلى الخلف والقول “إذا سلمت أنا وناقتي ما عليّ من رباعتي” لا، الأمور على غير ما اعتقده البعض وظن أنه قد ينجو بنفسه حتى ولو غرقت السفينة العربية برمتها، لأن ما يحصل في مصر أو ليبيا أو اليمن أو سوريا هو صدى لتخاذل ثقافي عربي وهو تراجع لمنظومة عربية أسست أفكارها على أنقاض تمزق وتفرق وتطرق إلى أزقة ضيقة أضيق من ثقب إبرة، ما جعلها تلهث وهي تجري لتحقيق الذات المكتملة من أجزاء مفتتة من مشاعر باتت ظاهرة للعيان، إنها مجرد أضلاع متفرقة لا تكمل الشكل الهندسي لمربع كامل الأضلاع اسمه مشروع عربي اقتصادي ثقافي سياسي، محصن باستراتيجية أبدية لا تحدد بزمن ولا بمفارقات ولا بتشققات ولا بتحالفات، مشروع يحفظ للإنسان العربي كيانه ويبعد عن المنطقة شبح الأطماع الإقليمية التي بدت فاغرة الأفواه، مفتوحة الشهية متى ما سنحت الظروف وقد وجدنا كيف تتهافت هذه الدول الإقليمية على توسيع أجنداتها وترسيخ تطلعاتها إلى دول تعتمد الشعار الديني والديمقراطي كوسيلة وحيلة للانقضاض على ما تبقى من أشلاء العرب ومن بقايا ما تبقى من أحلامهم الموءودة وفتوحاتهم الموعودة وأسلحتهم المكدورة وإرادتهم المقدودة وعزائمهم المجلودة وكل ما تبدد وتقدد نحن اليوم بأمس الحاجة إلى مشروع عربي مضاد لكل المشاريع العدمية والهدمية، مترامية الأطراف نحن اليوم بحاجة إلى مشروع يعيد لنا الاعتبار ويكبح جماح الذين تسلقوا على أكتاف ترددنا وانهزاميتنا، مستخدمين في ذلك سلاح النفاق السياسي والديني.. نحن اليوم بحاجة إلى صحوة بعد غفوة وكبوة. Uae88999@gmail.com