يعلم الكثير عن سياسة كرة الطاولة الـ”بينج بونج” بين الولايات المتحدة والصين، ومن هو عرابها، وأنها فعلت في إذابة الجليد أو إطفاء خط النار بين معسكرين مختلفين، وأيديولوجيتين متباعدتين، فالصين لا يمكن أن تخترقها عسكرياً، وهي المحوطة بسورها العظيم منذ آلاف السنين، لكن يمكن لحرب “الأفيون” أن تفعل فعلها، في المعسكر الشرقي الذي أجبرته السياسة، وتداعيات الحرب العالمية، ومنطق العسكرتارية المتحفزة أن تنضم مجبرة، رغم اختلاف الثقافات والأعراق والديانات تحت لواء الشيوعية، بزعامة الاتحاد السوفيتي ذي الجمهوريات المتناقضة أيضاً، والشاسعة جغرافياً، والمزدحمة ديموجرافياً، فضيقت الشيوعية من ترف الإنسان الفطري، وحب التملك، وضرب الخناق على الحريات الشخصية، مثلما قلمت الاستغلال، والعبودية الإقطاعية، لكنها حولتها إلى عبودية الحزب، عاش الإنسان منهكاً، يبكر في الحقل، ويحلب أبقاره، ويحصد في الجمعيات التعاونية، ليذهب ذلك الجهد للمال العام، ويكتفي هو بما يسد الرمق، كل حسب حاجته، لذا كانت من وسائل الحرب الباردة بين أميركا وأوروبا كحليف، وبين منظومة المعسكر الشرقي، غير التجسس، والعملاء المزدوجين، والتهديدات باستعمال الصواريخ العابرة للقارات أو التهديد النووي، كانت هناك أساليب “رخيصة” لكنها تدغدغ الإنسان البسيط، لأنه يسمع بها، ولا يجدها، يراها في السينما، ولا يعثر عليها في الأسواق، يجرب البديل الوطني، فيجده لا يعني شيئاً، ولا يعوضه عن ذلك المطروح في الغرب، من هذه الأشياء المستعملة في الحرب الباردة السينما بما تحوي من أزياء ومكياج وعطور، وحقائب نسائية، وأحذية رياضية، وشخصيات محبوبة كأبطال يعدون مثالاً ناجحاً في الحياة، وسيارات فارهة، وموجات الموسيقى، والأغاني الصرعة، وتصدير المغنين، وعارضات الأزياء، والشخصيات الكرتونية للأطفال، كذلك العلكة واللبان على الطريقة الغربية، والسجائر الأميركية موطن التبغ الأصلي، هذه الأسلحة الصغيرة، والفتّاكة بدأت تنغل في المجتمعات الشرقية المحاصرة بالشعارات، والكآبة، والشراب الوطني شبه المجاني، ومحاربة الآخر المختلف عقائدياً، حتى عد امتلاك كاميرا في بعض الأحيان جريمة تخابر مع جهات أجنبية، وقضية تمس الأمن القومي، أما الفاكس فهو ممنوع إلا للجهات الحكومية والرسمية، مجتمعات كهذه منكوبة في أنظمتها بدأت تهترئ من الداخل، بفعل علكة بطعم الكرز، وتعمل فقاقيع مضاعفة، شركات السجائر والمشروبات الروحية الأميركية سهلت التهريب إلى تلك المناطق، فنشط المهربون”الوطنيون”، بعدها أرسلت “الجينز” رجالي ونسائي ليغزو تلك المناطق الباردة، فلم تقدر أن تقاوم تلك الشعوب كما قاومت دبابات هتلر والنازية، بعدها ضحك”الشايب كنتاكي” في مدنها المختلفة، وفي الصين رأيته مرة، وقد تحول وجهه ولحيته البيضاء القصيرة إلى وجه صيني بلحية صينية مميزة، ثم جاءت أرتال المشروبات الغازية، فتلقوها لقاء الفاتحين، ثم تعمدت مطاعم الأكلات السريعة بأحرفها الكبيرة، حتى أنني رأيت في موسكو من يبيع دوره في الصف الطويل أمام تلك المطاعم التي احتضنت الجيل الجديد المحتشد أمامها. amood8@yahoo.com