بكل الحب والتفاؤل والطموح نستقبل اليوم العام الدراسي الجديد، مع انتظام عشرات الآلاف من الطلاب والطالبات بمدارسهم وكلياتهم وجامعاتهم، ليبدأوا سطراً جديداً في مسيرة الجد والاجتهاد والتحصيل العلمي للمساهمة في رد الجميل للوطن، وخدمته بما يستحق ويليق بإمارات الخير والمحبة. ومع بدء كل عام دراسي جديد وانطلاق تحضيرات موسم العودة للمدارس، تتكرر وتتجدد الشكوى وترتفع الأصوات من ارتفاع الأسعار وغلاء المستلزمات الدراسية، وبالذات على صعيد المدارس والكليات والجامعات الخاصة، وهي قضايا تظهر وفق العرض والطلب، زاد منها مبالغة بعض تلك المؤسسات في رسومها، مستغلة زيادة الإقبال على خدماتها المدفوع باعتقاد شرائح واسعة في المجتمع أن مستوى جودة التعليم في هذه الجهات أفضل من نظيره في التعليم الحكومي، رغم أن الدراسات دحضت أكثر من مرة ذلك الاعتقاد، بل وأظهرت نتائج دراسات المجالس والهيئات التعليمية المعنية، أن كثيراً من مؤسسات التعليم الخاص لا يتناسب ما تتقاضاه من رسوم مع مستوى التعليم الذي تقدمه. كما ساهمت محدودية الطاقة الاستيعابية في القطاع التعليمي الخاص في ارتفاع الرسوم التي تعمل وزارة التربية والتعليم ومجلس أبوظبي للتعليم وغيرهما من الجهات المعنية، على كبح جماحها في الطلب المتزايد لرفع الرسوم، بعضها يلتف على الأمر بعدم رفع الأقساط، والاستعاضة عن ذلك بزيادة رسوم جانبية كالمواصلات والكتب والمستلزمات الأخرى. وهذه القضية السنوية المتجددة والمتكررة بحاجة لمعالجة متكاملة، تبدأ في المقام الأول من إدراك أصحاب المدارس والمعاهد والجامعات الخاصة أنهم شركاء أساسيون، إلى جانب الوزارة والمجالس التعليمية في مسيرة الارتقاء والتطوير في هذا الميدان التربوي والتعليمي الخاص ببناء الأجيال. مما يزيد من مسؤولياتهم المجتمعية قبل أي اعتبار آخر. وهناك مؤسسات ومعاهد وكليات وجامعات تابعة للقطاع الأهلي تقوم بدورها كاملاً في هذا المجال، لأن أصحابها وهم من رجالات الرعيل الأول يعون مسؤولياتهم الوطنية والمجتمعية. ونجحوا في تحقيق المعادلة المطلوبة بتقديم مستوى تعليم ممتاز وبرسوم معقولة. العام الدراسي الجديد يتميز ببدء تدريس مناهج “الآباء المؤسسون”، وهي خطوة مهمة تجيء في إطار مبادرات نوعية لتعزيز الهوية الوطنية وتعريف النشء بمراحل مضيئة من التاريخ الحديث، لوطن بذل قادة عظام يتقدمهم الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان طيب الله ثراه، والمغفور له بإذن الله الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم، وإخوانهما من المؤسسين، جهوداً ملحمية كبيرة لبنائه في ظروف دقيقة ووسط تحديات جمة، وعبروا بإنسان الإمارات نحو مرافئ الأمن والاستقرار والرخاء والازدهار. وهذه المبادرة المهمة في تعزيز المناهج الوطنية، بحاجة للتوسع، وبالذات فيما يتعلق بتاريخ الإمارات ما قبل قيام الدولة الحديثة، وهو أمر مهم لأجيال اليوم، لتعريفهم وغيرهم بأن تاريخ هذا الوطن لم يبدأ في الثاني من ديسمبر1971، وإنما تعاقبت على أرضه حضارات منذ الأزل، شواهدها في هيلي وأم النار وصير بني ياس وتل أبرق، وغيرها من المناطق وكان لرجالاتها إسهاماتهم في الحضارة الإنسانية والفتوحات الإسلامية والاستكشافات الجغرافية، وبالذات في هذه المنطقة التي كانت على الدوام محط اهتمام الإمبراطوريات القديمة. نتمنى للجميع عاماً حافلاً بالنجاح والتوفيق، و”لكل مجتهد نصيب”. ali.alamodi@admedia.ae