علاقة الإمارات بمصر تاريخية، جذورها ضاربة في عمق التاريخ، فللأشقاء دور مهم لا يمكن نكرانه في قطاعات حيوية كالتعليم والصحة وغيرهما من القطاعات منذ بدء قيام الاتحاد، كما كان لهم دور غاية في الأهمية في تشكيل المؤسسات وصياغة لوائحها وقوانينها، فالشعب المصري من الشعوب التي عملت وجهودها محل تقدير في مرحلة غاية في الأهمية بالنسبة لنا، وقد أرسى المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان قواعد هذه العلاقة المتينة، وكان يرحمه الله يرى في قوة مصر قوة للعرب كافة، وكان حريصاً على أمن واستقرار مصر على الدوام، ولعل موقفه الحازم إبان حرب أكتوبر شهادة لا يزال يختزلها ويدونها التاريخ عندما أمر طيب الله ثراه بوقف تصدير النفط إلى الغرب تضامناً مع مصر، ويومها قال كلمة لا تزال تتناقلها الأجيال “النفط العربي ليس أغلى من الدم العربي”.
وعلى خطاه سار قائد المسيرة الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان الذي يؤكد دائماً وأبداً مساندته للشعب المصري والوقوف إلى جانبه في مختلف الظروف، ورسخ مفهوم التكامل والتعاضد بين الإمارات ومصر، وحرص على دعمها ومساندة شعبها في أحلك الظروف، كما آمن بالدور القومي في الحفاظ على المؤسسات التاريخية والعملاقة في مصر، ومساندتها ودعهما بكل الطرق وتأمين المناخ الأمثل لأداء رسالتها السامية، ومنها الجامع الأزهر الشريف الذي يعتبر منارة علم وإشعاع وحضارة للأمتين العربية والإسلامية.
ولعل الدعم السخي الذي وجه به الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان أمس بدعم وتمويل مشاريع وبرامج الأزهر الشريف بتكلفة تبلغ 155 مليون درهم هي تقدير للدور المهم الذي يلعبه الأزهر والرسالة السامية التي يؤديها للعالم الإسلامي، خاصة في ظل الظروف والمتغيرات الدولية وما يشن على العالم الإسلامي من حملة تتطلب وجود مؤسسة دينية شامخة تتصدى بحكمتها لكل ما يسيء للعالم الإسلامي ويشوه صورة الإسلام.
فرسالة الأزهر الشريف سامية ودوره غاية في الأهمية، ولما استشعرت الدولة حاجة منبر العلم والإيمان هذا إلى دعم ومشاريع تعزز من مكانته ورسالته السامية لم تتوان الدولة وقيادتها الرشيدة عن العمل على استعادة الأزهر لحيويته ودوره، فكانت التوجيهات السامية من القيادة الرشيدة بزيارة الأزهر وإعداد تقرير مفصل باحتياجاته وكل ما من شأنه أن يعزز من مكانته ويسهم في إيصال رسالته، وهنا لابد من الإشادة بجهود الشيخ منصور بن زايد آل نهيان الذي تابع أدق التفاصيل وكان حريصا على تلبية احتياجات الأزهر ومؤسساته العلمية من أجل استمراره في القيام بدوره التنويري، وتمكين هذه المنارة الإسلامية، التي تتميّز بالاعتدال والوسطية من مواصلة إشعاعها العلمي للمسلمين، منطلقا من إيمانه بأهمية ودور الأزهر الشريف وجامعته العريقة في نشر قيم الاسلام الصحيح ليس في مصر والعالم العربي فقط بل وفى شتى أرجاء العالم.


m.eisa@alittihad.ae