في رد على سؤال وجهته لمقَيِمَة ومؤرخة فرنسية للفنون خلال حوار أجريته معها منذ زمن ليس ببعيد، عن تأثير الطفولة في علاقتها بالفن، قالت إن الطفولة كانت مجرد تنفيذ للأوامر والطاعة، ولم تلعب أي دور في علاقتها بالفن. وعند هذا الرد توقفت عن متابعة الحديث عن طفولتها، لأنه قد بدى من ردها أن الطفولة لم تكن على ما يرام. كما هي حال الطفولة في الكثير من بقاع العالم، ونحن هنا ليس الاستثناء على الإطلاق. لذا فمنذ لحظة الولادة، يحتاج الطفل إلى الاعتناء والرعاية والاهتمام والحماية كي يمر في النفق الطويل لعمر الطفولة والصبا بسلام، كي يكبر بلا شوائب وعقد لا حصر لها ولا عد من جراء عدم الفهم والإدراك لفن التربية والتعاطي السليم مع نفسية الطفل. مع الاحترام للثقافة السائدة عند الجماعات في أسلوب رعاية وتربية الطفل، إلا أنه في الكثير من الأماكن، لا يُعنى ولا يُهتم بحقوق الطفل وكيفية وأسلوب تربيته، لا تُراعى قيم ولا مبادئ أولية للرحمة، حيث يغيب الإنسان عن بعض من البشر ويتحولون إلى وحوش حقيقيين أمام الكائن الضعيف البريء الذي لا حول له ولا قوة سوى أن يطيع ويسمع وينفذ؛ ودائماً ما يأتي التعامل العنيف من أقرب الأقرباء في البيت، وفي المدرسة.. من دون أن يعاقب المسؤول أو حتى يُسأل عن هذا التعامل العنيف، وعن ما يحدثه من تشويه في شخصية ونفسية الطفل. ومن تلك المشاهد العنيفة يحدث الكثير منها في العلن والمتمثل في الضرب والتعنيف السلبي؛ وكثيراً ما شهدت مثل هذه الأفعال في أماكن عامة، من نهر عنيف وضرب وتوبيخ، وكل ذلك من دون القدرة على فعل شيء لهذا الطفل المسكين بحجة حق الأب في طريقة وأسلوب تربيته لأبنائه، وهم بلا حقوق على الإطلاق.. مشاهد لا نقدر أمامها سوى أن نكبت السخط والغضب؛ ومن شدة ما أوذيت من هكذا مشاهد تناولت موضوع حقوق الطفل وضرورة حمايته في أكثر من مرة في هذا العمود، والذي ربما انتبه له أحد أو تضايق منه أو لم ينتبه له أحد على الإطلاق. لكن اليوم يأتي مشروع قانون حقوق الطفل في الإمارات الذي على وشك المصادقة عليه من الجهات المختصة، ليضع حداً للعديد من الممارسات السلبية وغير الإنسانية في حق الطفل الذي يحتاج فعلاً لقانون يحميه من أولئك الآباء والأمهات والإخوة الأكبر والمدرسين، من التقليل منه والاعتداء عليه بالضرب مما يؤدي إلى تشويه شخصيته وربما تحويله إلى عنصر سلبي وغير فعال في المجتمع بل ربما إلى مجرم. إن توجه الدولة في إصدار قانون حقوق الطفل ما هو إلا خطوة كبيرة نحو بناء جيل سليم ومعافى نفسياً وبدنياً وعقلياً. وإن الخوف الذي يبديه بعض أولياء الأمور من القانون ما هو إلا خوف غير مبرر، وهو خوف يعطي المزيد من الذرائع لارتكاب الأخطاء في حق الطفل الذي أصبح من الواجب على الدولة التدخل لحمايته من بعض الأساليب المتخلفة والرجعية في التربية والتعليم. saad.alhabshi@admedia.ae