يوم الأحد الماضي، وضعت بطولة أمم أوروبا لكرة القدم أوزارها بالتهام «الماتدور» الإسباني «الاسباجيتي» الإيطالي برباعية نظيفة. ومن جملة ما استوقفني في هذه البطولة التي استضافتها كل من بولندا وأوكرانيا الموقف الحازم للاتحاد الأوروبي لكرة القدم من كرواتيا بسبب ما بدر من تصرفات عنصرية من بعض مشجعي فريقها تجاه لاعب المنتخب الإيطالي ماريو بالوتيلي. وكذلك موقف الاتحاد الألماني لكرة القدم من عارضة الأزياء الشهيرة لينا جيرك خطيبة لاعب ريال مدريد الإسباني ومنتخب ألمانيا سامي خضيرة، التي أثارت جدلاً واسعاً بسبب ما كانت ترتديه من ملابس اعتبرت «خادشة للحياء» أثناء وجودها في مدرجات البطولة لمؤازره منتخب بلادها، ومطالبته العارضة الشقراء بالاحتشام لدى حضورها إلى المدرجات الذي تسبب أيضاً في استياء زوجات وخطيبات بقية لاعبي «المانشافت» بسبب ملابسها القصيرة وتصرفاتها المثيرة.
وبرر الاتحاد الألماني تدخله في الأمر - الذي كان مثار جدل الصحف الألمانية - بحرصه على الصورة اللائقة بجماهير الفريق، بعدما أصبحت أخبار عارضة الأزياء في المدرجات مادة طغت على متابعة الفريق نفسه.
ومن هذين الموقفين، لم نجد في وسائل الإعلام تلك من يتحدث عن «انقسام ثقافي»، كما حاولت أن تجرنا إليه بعض المواقع الأجنبية التي اعتبرت الجدل الدائر عندنا والمطالبات بإصدار قانون الاحتشام بأنه صورة من صور «الانقسام الثقافي» في مجتمع الإمارات.
هذا المجتمع الذي يعد أنموذجاً للتعايش الديني والثقافي والتسامح الذي يعد نهجاً عملت على تعزيزه وترسيخه قيادة وطن يعمل على أرضه رعايا نحو مئتي دولة من مختلف أنحاء العالم بكل انسجام وتفاهم.
وهناك دائماً في كل مجتمع ضوابط وقواعد يتوجب على الجميع احترامها، والتي قد لا يكون البعض ملماً بها، فيتطلب الأمر تنبيهه وتحذيره من تجاوزها. والعديد من البلدان تحرص على تحذير رعاياها بضرورة احترام عادات وتقاليد البلدان التي يسافرون إليها. وأحدث مثال على ذلك، حرص السلطات البريطانية على وضع إرشادات في المبنى الذي تغادر منه الرحلات بمطاري «هيثرو» و»جاتويك» للإمارات والدول الخليجية والعربية.
إن الدعوة لاحترام خصوصية أي مجتمع، تحمل فيما تحمل حرصه على صون هويته الثقافية والوطنية، وما الدعوات للالتزام بما بات يعرف في تلك المواقع «دريز كود» أو «قواعد الحشمة» إلا صورة من صور ذلك الحرص الذي يكتسب في الإمارات أهمية خاصة، ويعبر عن ردة فعل ودعوات تلقائية جراء سلوكيات في التصرف والملبس تبدر من فئة محدودة لا تلقي بالاً لكل تلك المناشدات والدعوات، في ظل ضعف التوعية بقواعد النظام المجتمعي. وعندما تدعم تلك القواعد بغطاء قانوني فإن ذلك سيضمن لها قوة الاحترام والالتزام، وليس في الأمر أي انقسام أو انفصام. وقد أوردت في المقدمة نماذج من القارة العجوز، حيث موطن «الحريات الشخصية»، ولكن بضوابط تحترم الذوق العام، بينما هو هنا جزء من العقيدة والهوية الوطنية.


ali.alamodi@admedia.ae