على طريقة نتائج امتحانات الثانوية العامة في بعض المدارس، تابعت مؤخرا ندوة عقدتها اللجنة الوطنية لمكافحة المنشطات ولم يحضر فيها أحد ممن استهدفتهم الندوة، من فرقنا واتحاداتنا الوطنية المعنية بالأمر، والتي تستعد للمشاركة في أولمبياد لندن الذي تنطلق فعالياته خلال الشهر الجاري.
هذا الغياب الجماعي لندوة مهمة كهذه، يكشف في مقدمة ما يكشف نظرة شرائح واسعة من أفراد المجتمع للحملات والمحاضرات والندوات التوعوية على طريقة “ندري”، وهم في الحقيقة لا يدرون كيف يتصرفون في المواقف التي تتطلب قدراً من الوعي بمخاطر أمر من الأمور التي تواجه الإنسان بصورة تكاد تكون يومية. وهم في ذلك لا يختلفون- على سبيل المثال-عن الذين ينظرون باستهتار واستخفاف بتعليمات السلامة قبيل إقلاع الطائرة، رغم طلب الطاقم منهم الانتباه، حتى وإن كانوا كثيري الأسفار.
أعود لموضوع الندوة مؤكدا على أهميتها من واقع حالات عدة حرمت منتخبات رياضية ورياضيين من ميداليات وإنجازات بسبب جهل بعض اللاعبين والمسؤولين المشرفين عنهم بحقائق معينة عن هذا العقار أو المستحضر الطبي. ولا زالت ماثلة للعيان واقعة حرمان لاعب من المشاركة في بطولة بعد أن اعتبرت اللجنة المنظمة أنه تناول منشطاً، وهو الذي لم يتعاط ليلة الفحص سوى علاج للسعال مكوناته تحوي مادة تعتبر “منشطة” في فحوصات اللجان الطبية. وذات الأمر بالنسبة لأنواع من الدهان والمسكنات وغيرها من الأدوية والعقاقير التي تتطلب رأي اختصاصي، يحمي الشاب الرياضي من الوقوع في المحظور، ويتسبب ليس في الأذى لنفسه فحسب، وإنما في الإساءة لفريقه ووطنه.
كما أن الكثير من الشباب الرياضي يجهل مخاطر الآثار الجانبية لتعاطي المنشطات والمقويات التي قد يكون مفعولها آنيا، ولكنها تقود لأمراض خطيرة وتكون سببا للوفاة في بعض الأحيان. ومنها ما يقود للإدمان والجنون والعجز الجنسي وعدم القدرة على الإنجاب و أمراض الكلى والالتهاب الكبدي.
وإلى جانب بعد المخاطر الصحية التي يحملها لجوء بعض الرياضيين للاستعانة بالمنشطات، فهناك البعد الأخلاقي والسلوكي، فاللجوء للخدعة والتضليل واستخدام مثل تلك العقاقير لتحقيق مكاسب شخصية يمثل سقطة أخلاقية لصاحبها والذين يشاركون معه في السكوت عن مثل هذه الأفعال بحثا عن فوز سريع.
لقد مثل الغياب عن ندوة بهذه الأهمية ضعف المتابعة الإلزامية وجديتها، خاصة ونحن نتحدث عن مشاركة أشخاص في محافل وفعاليات عالمية لا يمثلون فيها أنفسهم، وإنما بلادهم ومواطنيهم الذين يتطلعون لتكون راية وطنهم خفاقة في محافل التتويج والإنجازات.
وكشف ذلك الغياب الجماعي نظرة سطحية للمتلقيات للتوعية، وقد تأصلت لدى فئات واسعة في المجتمع، لأننا ومن كثرة الندوات والمحاضرات والندوات تداخلت الاختصاصات بصورة لم نعد نفرق معها بين ماهو جاد منها والتي تنعقد فقط من باب رفع العتب. ولنتذكر جميعا بأن عدم المعرفة بالشيء لا يعفي من تحمل المسؤولية عن تبعاته، مهما كان الأمر.

ali.alamodi@admedia.ae