كل طفل يحلم، وتتسع حدقته وهو يرفع رأسه، وينظر إلى سقف الغرفة التي يسكنها، ويرف جفناه وهو يرنو إلى السماء، يطالع نجومها ويرقب لآلئها.. كل طفل مشحون بصور خيالية، تتجسد في كثير من الأحيان بشخوص وأماكن وأحداث.. الطفل يحلم بأن يحلق في الفضاء ويجوب هذا العالم الوسيع.. الطفل يحلم بأن يصبح بطلاً عالمياً، يهزم جهابذة القوة البدنية، الطفل يحلم بأن يصير طبيباً، والطفل يحلم بأن يكون أباً له أبناء صغار يرعاهم ويهتم بشؤونهم.. وأحلام الطفولة كالشلال، لها بداية ولا نهاية لمصباتها.. هذا الطفل، إن وجد الأيدي الحانية والقلوب الرحيمة، والعقول التي تتفهم ظروف هذه المرحلة، فإنه ينشأ مطمئناً، مكتمل النمو النفسي، وإن كان العكس من ذلك، فإن الأسئلة الطفولية المحددة تتشتت وتتبعثر في متاهات الواقع المرفوض.
هناك أطفال يولدون وقد تاهت أحلامهم، وضاعت ترائبهم في دياجير التوحش البشري، هؤلاء لا ذنب لهم غير أنهم ولدوا هكذا بحتمية الفطرة لا غير، لذلك فإن حقوقهم في الرعاية والعناية والحماية لا تنقص مثقال ذرة، عن تلك الحقوق التي ينالها الأطفال الذين يولدون بين أحضان والدين تعرف سيماهم وهوياتهم.
لهذا الهدف صدر القانون السامي من قبل صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، تأكيداً لمبادئ الدولة وشيم أهلها، بالاهتمام بالإنسان وبالطفولة خصوصاً؛ لأن الطفل هو البذرة التي تستحق تعيين التربة الصالحة لها، لكي ينمو ويترعرع ويصبح شجرة مثمرة، يفيد المجتمع ويستفيد من مقوماته وإنجازاته..
اهتمام القيادة بالإنسان عموماً وبالطفولة بشكل خاص، نابع من الوعي بأهمية بناء المجتمع على أسس إنسانية، وأول هذه الأسس حماية الطفولة، خاصة أولئك الذين يأتون إلى الحياة بظروف خاصة، وقاهرة، ما يجعل الاهتمام بهم أمراً تفرضه المبادئ الإنسانية، وتسنه الشرائع السماوية، وتؤكده تقاليد هذا المجتمع، وعاداته وقيمه.. نهج إنساني يتجسد على أرض الواقع، في بلادنا التي ذابت على طرح المشاريع الإنسانية ذات القيمة والشيمة، ومبدأ أخلاق تكرسه القيادة، واقعاً وحقيقة، يعبر عن أصالة القيم، ونجابة الأخلاق، ونبل السلوك التي تحلّت به سياسة بلادنا منذ النشوء، مرتقية بأخلاق أناسها، مرتفعة بسمعة البلد، ماضية نحو غايات التسامي، وإعلاء الشأن، ووضع اسم الإمارات على هامات السحاب.
القانون يعني أن الحضارة التي تبتغيها الإمارات ليست فقط حضارة البنيان، وإنما أيضاً تحضر الإنسان ورقيه وعافيته من التشرذم والتهلكة، وعذابات ضياع الهوية.. القانون يعني أن بلادنا قد تجاوزت مراحل ما قبل الأسئلة، لتجيب عن حاجة الإنسان، بفصاحة وحصافة ورجاحة ورحابة وقدرة عالية على ترسيخ المعاني الجميلة والأهداف النبيلة.
القانون يعني أن الإمارات اليوم النجمة التي يستدل بها الآخرون طريقهم إلى الحياة السعيدة، والعلاقات الإنسانية واضحة الملامح.


marafea@emi.ae