في الأسر هُناك طالب مجتهد، وآخر متواضع المستوى التعليمي، وآخر دون المستوى التعليمي، وهو أمر طبيعي أن تتفاوت القدرات والمهارات والإمكانات، فليس كل أفراد الأسرة بالضرورة مبدعين، والعكس صحيح، ومن الأهمية بمكان سعي ولي الأمر لتطوير مستوى أبنائه وعلاج المشاكل أينما وجدت بالأسرة.
هذه الأسطر ارتأيتها مقدمة لما أود التحدث عنه وهو قسم الترخيص في شرطة أبوظبي، فوزارة الداخلية وشرطة أبوظبي تحديداً تطربنا بإنجازاتها وإبداعاتها وجوائزها المحلية والخليجية والعالمية، فبعض إدارات شرطة أبوظبي أنجزت وأبدعت في الإنجاز والتعامل والعطاء، فكانت نموذجاً لوزارات ومؤسسات كبرى أن تحذو حذوها، وتسير على خطاها في تطبيق برامجها وسياساتها وممارساتها وأفكارها وتنتهج نهجها الذي قادها للعلا، ولعلّ آخر، وليس أخيراً، إنجاز شرطة أبوظبي ووزارة الداخلية اكتساحها جائزة الشيخ خليفة للتميز الحكومي للعام الثاني على التوالي، كما نجحت في الاندماج والانصهار في المجتمع وأبدعت في التعاطي مع قضاياه وهمومه ومشاكله.
لكن رغم كل هذا التفوق، إلا أن هناك إدارة لا بد أن ينفض عنها الغبار وتنهض لتواكب وتجاري باقي الإدارات التي انطلقت في سباق محموم للتميز والإبداع، وهي إدارة قسم الترخيص التي يجب عليها مراجعة قضية الترخيص للمركبات أو الأفراد فوراً.
منذ خمسة عشر عاماً لم أدخل قسم الترخيص في أبوظبي، ولم أجدد أي مركبة هُناك، الأسبوع الماضي وحُباً في التجربة مما أسمعه من تأخير وطوابير وانتظار، قررت أن أخوض التجربة، فرأيت أضعاف أضعاف ما سمعت من تأخير وطول انتظار لإنجاز المعاملات.
المكان هو نفسه منذ أكثر من خمسة وعشرين عاماً، فقط أُجريت عليه بعض التعديلات، مكاتب أنيقة، أرضيات ناصعة، وأجهزة كمبيوتر حديثة، وطوابير طويلة من المراجعين، لم نكن نشاهدهم في الماضي، نعم قد تكون أعدادهم أقل في ذلك الوقت، لكن ما شاهدته من مكاتب وشبابيك إنجاز معاملات يفوق أضعاف ما كان عليه في الماضي، ولكن للأسف إنجازهم متواضع، ليس لإهمال أو قصور، بل لأن نصف المكاتب الأنيقة فارغة، وإشارة مغلق تعتليها، طول فترات الدوام.
أما بوابات الفحص الفني فإن أعدادها لا توازي مطلقاً أعداد المركبات الهائلة في أبوظبي، ما يجعلك تنتظر أكثر من ساعتين لإنجاز الفحص الذي قد لا يستغرق خمس أو عشر دقائق، ناهيك عن جملة من الإجراءات التي بحاجة لمراجعة شاملة لتطوير أداء هذا القسم المهم، وتسهيل مهمة الجمهور، فلا يعقل أن تستهلك أكثر من يوم لتجديد أو تسجيل مركبة، في إمارة تسابق الزمن في خدمات الجمهور.
إن مركزية الفحص الفني تتطلب إعادة نظر، فمدينة ممتدة متطورة بسرعة البرق بحاجة ماسة لزيادة أعداد مراكز الفحص فيها وتوزيعها جغرافياً لكسر الكثافة والزحام، كما أنه ولا بد من وجود مرجع ومسؤول بمراكز الخدمة يفتح قلبه ويجيب عن أسئلة الجمهور.

m.eisa@alittihad.ae