من الأشياء التي يبتلى بها الإنسان في سفره صحبة النساء الثقيلات المثقلات المستثقلات، ومرافقتهن في رحلات بعيدة، وحمله لأثقالهن وأغراضهن وحقائبهن الزائدة والتي بلا داع في أحيان كثيرة، خاصة حين تكون وجهتكم أوروبا، حيث لا حمّال إلا ساعديك، ولا عتّال غير كتفيك، والأكثر ابتلاء من ذلك أن يرزقك ربك من دون أمة محمد بواحدة لطّامة لكّاشة، تشعر إن مشت، مشت بثلاث أرجل، وإن تصرفت بيديها شعرت أن لها ثلاث أياد، فلا تعرف أنت المبتلى، هل تسحب الأشياء من تحت قدميها، أم تزيحها من أمامها ومن طريقها، لأنها إن مشت للتبضع أو تجولت في المحال الكبرى، كانت كـ “الطَهَفْ” وهي غادية بسبحانيتها ولا تدري عن شيء، في حين كل هذا الحطام يظهر على وجه ذلك الرجل الذي يمشي خلفها، والذي يبدو كثير الاعتذار والتأسف، ومحاولة لملمة ما يقدر عليه.? أما حاله المزري، فهي حين تسحب عباءتها وتخمّ ما على الأرض أو حين تبقى تسحب “شَبّكَه” في طرف “ذايلها” أو حين تصادف أولاداً صغاراً يلعبون أو “يهوون” عليها بالسلام والتحية، فأمنيته حينها - والتي لا يتمنى غيرها- أن لا تدوس طفلاً، ولا تهرّس لأحدهم عظماً، لأن عودهم طري وعظمهم لين، ولأنهم أحباب الله، وهي تحبهم حباً أعمى، لكنه من نوع الحب الذي يغدقه الدب على صديقه. ?هذا النوع من النساء واجب أن تتعود عليه، وتجعل يدك حاضنة عما تلقف، أو ساترة عما تدفع أو لاقطة عما تنثر، وعينك شاخصة عما يتناثر منها من حلي وبطاقات ائتمان، يمكن أن تنسى كل شيء ما عدا هاتف اليد، فهذا إن نسيته اختل توازنها، وضاعت مشيتها، إن غسلت صحناً ثلمته، وإن “ماصت” كأساً شطفته، وإن رأت مزهرية جالسة لوحدها عند الشباك، لا لها ولا عليها، غافية في احترامها وخجلها، محتضنة زهرها ووردها، فتقوم لها قومة تريد تنظيفها وترتيبها، لكنها دقائق، وإذا بتلك المزهرية الخجولة، المحترمة، ساقطة ومبعثرة حالها على الأرض دون حياء أو خجل، عدوها الأول الزجاج والفخار، وأحب ما على قلبها ما صنع من البلاستيك والنحاس، وعذرها الذي تسوقه دوماً أن الزجاج في هذا الوقت ليس مثل زجاج زمان.? أما العصافير الصغيرة الملونة والهادئة في أقفاصها، والتي لا تسمع منها إلا الكلمة الطيبة والغناء الجميل، فيحلف عليها زوجها بالطلاق إن لمستها أو قرّبت صوبها أو حاولت إطعامها، لأن ذلك الريش الملون المهذب إما سيفلت من يدها ومن القفص، وإما سيتحول إلى كتلة صغيرة باردة لا حراك ولا غناء فيها، المشكلة أن الحق ليس دائماً عليها كما تعتقد، ولكن الحق على الآخرين، وكما تقول دائماً: “عسى عينهم الصَبّ إن شاء الله”!


amood8@yahoo.com