دخل أبو دلامة على المهدي فسلّم ثم قعد وأرخى عينيه بالبكاء. فقال له: ما لك؟ قال: ماتت أم دلامة. فقال: إنا لله وإنا إليه راجعون! ودخلت له رقّةٌ لما رأى من جزعه، فقال له: أعظم الله أجرك يا أبا دلامة! وأمر أن يعطى ألف درهم وقال له: استعن بها في مصيبتك. فأخذها ودعا له وانصرف. فلما دخل إلى منزله قال لأم دلامة: اذهبي فاستأذني على الخيزران فإذا دخلت عليها فتباكي وقولي مات أبو دلامة. فمضت واستأذنت على الخيزران، فأذنت لها، فلما اطمأنت أرسلت عينها بالبكاء، فقالت لها: ما لك؟ فقالت: مات أبو دلامة. فقالت: إنا لله عظّم الله أجرك! وتوّجعت لها ثم أمرت لها بألفي درهم، فدعت لها وانصرفت. فلم يلبث المهدي أن دخل على الخيزران، فقالت: يا سيدي أما علمت أن أبا دلامة مات؟ قال: لا يا حبيبتي إنما هي امرأته أم دلامة. قالت: لا والله إلا أبو دلامة، فقال: خرج من عندي الساعة آنفاً، فقالت: خرجت من عندي الساعة، وأخبرته بخبرها وبكائها، فضحك وتعجّب من حيلهما. وقيل لابن رواح الطفيلي: كيف ابنك هذا؟ قال: ليس في الدنيا شيء مثله، سمع نادبةً خلف جنازةٍ وهي تقول: واسيداه! يُذهب بك إلى بيت ليس فيه ماء ولا طعام ولا فراش ولا وطاء، ولا غطاء ولا سراج ولا ضياء! فقال: يا أبتاه يذهبون به إلى بيتنا. وأتى سائل من الأعراب إلى بني عبد العزيز بن مروان فقال: أتت علينا سنون لم تبق زرعاً حصيداً ولا مالاً تليداً إلا اجتاحته بزوبره وأصله وأنتم أئمة أملي وقصد ثقتي. فلم يعطوه شيئاً، فقال: بنو عبد العزيز إذا أرادوا سماحاً لم يلق بهم السماحُ لهم عن كل مكرمةٍ حجــابٌ فقد تركوا المكارم واستراحوا قال: ومر سائل منهم برجل يكنّى أبا الغمر ضخم عريض وكان بواباً لبعض الملوك فقال له: أعن المسكين الضعيف الفقير المحتاج. فقال: ما ألحف جائعكم وأكثر سائلكم، أراحنا الله منكم! ابن الرومي: ويح الطبيب الذي جسَّتْ يداه يدك ما كان أشجعَه فيما به اعتمدكْ لو أن ألحاظه كانت مَباضِعَهُ ثم انتحاك بها من رقَّة ٍ فصدكْ يا واضحَ الثغر كم تُدلُّ على الصَّـ. ـبِّ كان قد أذقته بردكْ عجبت من قتلك النَّجْدَ القويَّ ولو يشَا رِخْوُ القوى ثَناك أو عقدك Esmaiel.Hasan@admedia.ae