في منطقتنا الجميلة أم سقيم وجميرا، الكثير من الشوارع الداخلية التي قدمتها البلدية وهيئة الطرق للناس، في رصف جميل وعناية فائقة بالإرشادات التعريفية، مثل المداخل والتعرجات، ومسميات بعض الأماكن المهمة من دوائر الخدمات الصغيرة كالعيادات ومكاتب البلدية أو حتى أسماء بعض المدارس الموجودة هناك، وفي نقلة جديدة لتحويل اللوحات الرقمية وأرقام الشوارع إلى أسماء للشوارع مثل جميع المدن الراقية، ولكن ذهبت تلك الدوائر المعنية بالطرق بعيداً في محلية الأسماء الشعبية، وكأنها دوائر آثار وحفريات في البحث عن أقدم العبارات والمصطلحات الشعبية، وأسماء قديمة جداً حتى تصعب على أجيالنا معرفتها. وبما أن المنطقة بحرية فإن الأسماء جاءت من زمن الغوص وأبعد، لدرجة أنك تعجز عن معرفتها مباشرة، وتحتاج إلى جد جدك أو أقدم شخص من الصيادين ليفك الأسماء والتعريف بها، وعلى الرغم من أننا فرحون بهذا الاتجاه من العودة إلى البيئة وكل شيء محلي وقديم ولكن أيضاً مطلوب اختيار الاسم المناسب، والكثير الآن يحتاج إلى القواميس القديمة ليعرف تلك المسميات. ولعلّ تجربة السؤال لأحد الإخوة العرب عن معاني بعض الأسماء يؤدي إلى حالة من الضحك لديك والتعجب عند الآخر، مثال ذلك اسم شارع النسناس، عندما سألت ذلك الأخ العربي ما معنى النسناس أجاب بسرعة، النسناس يعني القرد، (دي بسيطة) جداً، بس ليه يسمونه شارع القرد!! هكذا يفهمه، بينما في اللهجة المحلية النسناس يعني النسيم العليل، وهو أجمل صفة لوصف كل شيء رائع وجميل، خاصة في الصحراء التي تمتاز بطقسها الحار أو الرطب. وعندما يأتي الفصل الذي يصبح فيه الجو رائعاً تهب على الإمارات أجمل النسمات العليلة. وكم من القصائد الشعبية الرائعة التي قيلت في وصف هذا الهواء العليل. أيضاً اختبرت ذلك الصديق عن شارع آخر حمل اسم الفنطاس، وكان جوابه في غاية الغرابة: (إيه يعني الفنطاس!!، في واحد كان مات فطيس، بعدين سمّو الشارع باسمه)!!.. بينما الفنطاس في اللهجة المحلية والخليجية، هو خزان ماء لسفن الغوص القديمة، وهو كبير الحجم، ومصنوع من ألواح الخشب، ويوضع في بطن السفينة. حمدت الله أن الشارع الذي يمر أمام منزلي يحمل اسم شارع القارب، وهو اسم جميل، ومعروف عند كل العرب. لا اعتراض على أن تسمى الشوارع بالأسماء المحلية القديمة، ولكن يجب اختيار المتداول والمعروف والسهل في النطق. صحيح أن هناك توفيقاً في بعض الاختيارات، لكنْ هناك عدم توفيق في بعضها، ثم السؤال: لماذا لا يعاد مراجعة تلك التعريفات وتصحيح واختيار البديل، خاصة في بداية هذا المشروع الجميل، وهو إطلاق أسماء إماراتية، والتحول من الأرقام الجامدة إلى تعريفات بأهم المعالم والأسماء المحلية. إنها تجربة جميلة، وبالتأكيد سوف تنتقل إلى مدن أخرى، وهذا ما أكدته بلدية العين، وعلى مقدار فرحنا بهذا التطور في هذه المدن الجميلة، ولكن لا بد أن نستفيد من تجربة مسميات الشوارع الداخلية، وأن نراعي اختيار الأسماء المناسبة والسهلة التداول والنطق، خاصة أننا لدينا بيئة بحرية واسعة في دبي، وبيئة زراعية وصحراوية كبيرة في مدينة العين. تطور الإمارات يهمنا، ولكن علينا تقبل الملاحظات التي لا تأتي عادة إلا من المحبين لهذا الوطن. Ibrahim_Mubarak@hotmail.com