منذ مطلع شهر يناير الحالي، والبنوك والمستثمرون العقاريون في حالة من الاستنفار، بعد ما تردد عن قرار مصرف الإمارات المركزي بوضع سقف للتمويل العقاري بحيث لا يتجاوز 70% من قيمة العقار بالنسبة للمقترضين المواطنين و50% بالنسبة لغير المواطنين، وبدأت الكثير من البنوك في تطبيق النظام الجديد، مما تسبب في حالة من الإرباك لدى القطاع العقاري، قبل أن يكشف محافظ المصرف المركزي عن «الحقيقة الغائبة»، وهي أن «المركزي» لم يقرر حتى الآن تطبيق هذا التعديل من عدمه وأن النظام السابق لا يزال هو المعتمد. لست أدري كيف يمكن أن تحدث كل هذه البلبلة في القطاع المصرفي، فالبنوك جندت جيوشها وحشدت خبراءها وكثفت اجتماعاتها، سعياً للوصول إلى صيغة أخرى في التمويل العقاري، لتنأى بنفسها عن الانعكاسات السلبية التي سيخلفها تقييد التمويل العقاري، وكل ما ينتج عن ذلك من تأثيرات على المستثمرين وأصحاب العقارات بالدولة، غير أننا نتفاجأ الآن بأن الأمر ليس كما كنا نعتقد، فليس ثمة قرار بهذا الشأن، ولن يكون هناك أي قرار قبل 9 أشهر من الآن. لا شك أن تصريحات محافظ المصرف المركزي معالي سلطان ناصر السويدي، أعادت جزءا من الهدوء إلى القطاع المصرفي، خصوصا أن التطورات الأخيرة حدثت في توقيت حساس بالنسبة للمصارف وللقطاع العقاري في آن واحد، فالمصارف قد تعدت تبعات أزمات مالية عصفت بالعالم بأكمله، وهو ما ينطبق أيضا على القطاع العقاري الذي وصل إلى نهاية نفق الأزمة التي بدأت في العام 2008، وبدأ يتعافى من آثار تلك الأزمة، ومع بداية العام الجديد تلقى القطاعان هذه المفاجأة التي لم تكن في الحسبان. ما نخشاه هو أن كل ما حدث بشأن ما يمكن تسميته بـ «القرار غير المقرر»، يعكس حالة من «اللخبطة» في القطاع المصرفي، فكيف يمكن أن تعتمد البنوك وأن تنفذ قراراً لم يتم إقراره، ثم يتبين بعد نحو 3 أسابيع، أن الأمر لا يتعدى كونه فكرة مقترحة لا يجب تطبيقها حتى الآن، ليحدث كل هذا الإرباك الذي شهده القطاع المصرفي طوال الأيام الماضية. نأمل أن نجد إجابة منطقية لهذا التساؤل، فلا شك أن المسؤولين في المصرف المركزي يدركون كل التبعات التي قد تحدث نتيجة مخاطبة البنوك بهذه الصيغة، فقد اعتدنا طوال السنوات الماضية أن نرى قرارات المصرف المركزي تتخذ بشكل مدروس ودقيق، ولم يسبق أن حدثت هذه «اللخبطة» في أي قرارات سابقة. أعتقد أن مثل هذا القرار بحاجة للكثير من البحث والدراسة، فهل يعقل أن يكون التمويل العقاري أمراً في غاية الصعوبة بالنسبة للأفراد، فإلزام المشتري المواطن بتسديد ما لا يقل عن 30% وغير المواطن بـ 50% من قيمة العقار، سيجعل شراء منزل ضرباً من الخيال للكثير من الأفراد بالدولة، وبالتالي فلا بد من دراسة مثل هذا القرار بشكل موسع قبل تنفيذه، مراعاة لمصالح المستهلكين والمؤسسات المصرفية والعقارية المختلفة. hussain.alhamadi@admedia.ae