قبل سنة أو يزيد سمعنا وقرأنا عن نية لتأسيس شركة عامة لجلب خدم المنازل، وتطوير هذا القطاع الهام الذي يهم كل بيت في الإمارات، يومها استبشر الناس خيراً، وقالوا ستخفف من معاناتنا، وستضبط سوق العمالة المنزلية، وما يحدث فيه من استغلال وتلاعب وابتزاز من الأطراف المعنية بهذه العملية، مكاتب توريد وجلب العمالة، وأرباب المنازل، وبعض السفارات، وقبلهم وبعدهم السماسرة هنا، وهناك، خاصة أن النية كانت بتكفيل هؤلاء العمال والمستخدمين في المنازل على كفالة هذه الشركة”العامة”، وهي من ستتولى استخراج بطاقاتهم، وفحصهم صحياً، والتدقيق على صدق بياناتهم، وسيرتهم الذاتية، مقابل مبلغ مالي مستعدة الناس أن تدفعه، مقابل راحة البال، “مب الحين، يدفعون ويدفعون، وفي الآخر ما لهم إلا قبض الريح، وأقلها اليوم أن مكاتب جلب الشغالات وخدم المنازل يشترط على ربات البيوت أن المكتب غير مسؤول عن صحة البيانات أو تغير المواصفات أو تبديل الصور، فالتي ما عندها عيال في البيانات، تأتي وتبقى تصيح عيالها الذين تركتهم، وإلا لا تتضمن بياناتها خلوها من الأمراض المعدية، لأن التزوير عندهم بـ”بيزه”، وأبسطها أن تقوم الشغالات بإرسال صورهن بعد أن تخضع لعمليات الـ”فوتو شوب”، والتجميل، ويوم توصل الشغالة، وتتلقاها المعزبة، تقول: حشا، أكرم عليّ أني اخترتها هاي، هاي مب شغالتي، بدلوها في الطريق”. كانت فكرة الشركة “العامة” لجلب خدم المنازل، ستريح الجميع، وما أكثر الجهات المرتبطة بها، وأولها الجهات الرسمية كوزارة العمل واللجان التابعة لها، والجهات الأمنية، بحيث تختصر الكثير من جهد وتعب ووقت الناس، وأعباء الجهات الرسمية ومصاريفها غير المبررة في تتبع الهاربين منهم، وإيواء الآخرين في السجون، ومراقبتهم غير المقننة، والجرائم المرتكبة نتيجة الضغوط الاجتماعية، والتحرشات الجنسية، وغيرها من الممارسات الفردية، وكذلك الاتصالات الخارجية الدائمة عن الكثير منهم، كما وستحافظ على سمعة الدولة في المحافل الدولية، وعند جمعيات حقوق الإنسان، وتقاريرها التي يعتقد الكثير أنها كلام في الهواء، لكنه مزعج، ويعكر صفو الأرقام الأولى، والمراكز المتقدمة التي نجدّ في البحث عنها لدولتنا بين الدول الأخرى. فكرة الشركة “العامة” فكرة جميلة ومفيدة للجميع، وإن كانت قائمة، وتقتضي مزيداً من الدراسة فالناس يمكنها أن تصبر لترتاح من وجع دائم لا ينتهي، وإن كانت الفكرة محتاجة للتطوير يمكن للجميع أن يشارك بالرأي، ويبدي المشورة فيها من خلال تجاربهم الكثيرة والمفيدة بالتأكيد، أما إن ألغيت الفكرة، فمعناه أننا ما زلنا في نهاية الطابور ننتظر من يقدم لنا حلاً لمشكلة تخص بيوتنا، ونسمح لكثير من الأطراف أن يعبثوا فيها، ويسترزقوا منها، ويجلبوا لنا صداعاً يومياً ومتكرراً، ويكاد لا ينتهي. amood8@yahoo.com