هذا الإعلان نشر في واحدة من جرائدنا الإماراتية، وجاء فيه: «كلية الإمارات للتطوير التربوي تدعو أبناء وبنات الوطن إلى الانضمام لبرنامج البكالوريوس للعام الدراسي 2013 - 2014»، وحسب الإعلان، فإن الهدف الذي تنطلق منه الجهة المذكورة كان معاً نتعلم، معاً نعلم، معاً نبني أجيال الإمارات! دون أن تنسى الجهة نفسها التذكير بأن فرص العمل مضمونة بعد التخرج، انتهى الإعلان، الذي يعتبر نظرياً إعلاناً باعثاً على الأمل والثقة والفخر، فهو يمنح كثيراً من الشباب الإماراتيين المهتمين بالتخصصات والحقول التربوية أملاً في الغد وأملاً في الاحتواء والاهتمام وأملاً في الاعتراف، هذا من حيث التنظير، لكن واقعياً هناك قصص تصطدم بهذا النوع من الإعلانات! لنأخذ هذه الحكاية التي أرسلها والد يشرح حالة ابنته، لنتأملها كمثال لا أكثر، فإن كانت هناك جدية حقيقية في طرح وتبني شعار «معاً نتعلم، معاً نعلم، معاً نبني أجيال الإمارات»، فبإمكان الجهة المهتمة التواصل مع هذه الفتاة، وإلا فسنظل ندور في حلقة شعارات بلا نهاية! يشرح الأب الحالة التي وصلت إليها ابنته باختصار يكثف حجم معاناة الابنة والوالد معاً: في عام 2010 حصلت البنت على بكالريوس من جامعة زايد في التعليم المبكر، وخلال الأعوام 2010 - 2012 اضطرت للعمل في مجال التطوير السياحي لعدم توافر فرصة عمل في مجالها التربوي. ولكي لا تخسر اهتمامها التربوي وزيادة في تعميق معرفتها عملت خلال عام 2012 - 2013 على نيل درجة الماجستير في التعليم من جامعة جلاسكو في أسكتلندا، برغم كل ذلك فهي حتى هذا الوقت لم تستطع تأمين فرصة عمل في مجال تخصصها التربوي. ليس من شك في أن الفتاة بكل ما لديها من رغبة في العمل في مجال تخصصها، قد بذلت جهداً وسعياً حقيقياً في البحث عن وظيفة، وبخلاف وظيفة السياحة، فقد حاولت أن تجد ما يلائم اهتمامها ودراساتها، لكن بلا فائدة حسب ما يظهر من رسالة الوالد، شركة ( ...... )، وهي شركة وطنية عملاقة وفاعلة، عرضت عليها وظيفة «مساعدة مدرسة»، وذلك لأنها غير أجنبية (علماً بأن الفتاة تجيد التحدث والكتابة باللغتين العربية والإنجليزية وبطلاقة تامة (والدة الفتاة بريطانية)، مع العلم بأن تجربة المعلمات الأجنبيات لم تفرز نتائج عظيمة الجدوى حسب المتابعات اللصيقة مع أهل الميدان، أليس من الأجدر بنا أن ننظر إلى مثل هؤلاء الشباب الإماراتيين المتوافرين على مؤهلات جيدة لحين إعداد أجيال جديدة؟ توقعات الوالد لمستقبل ابنته جاءت في ختام رسالته لي كالتالي «سوف أقوم بابتعاثها لإتمام الدكتوراه ومحاولة إيجاد فرصة عمل في مجال التدريس خارج الدولة»، هذا التوقع المستقبلي يحمل في طياته ردة فعل يائسة لكنها واقعية في الوقت نفسه، فالكثير من الإحباط لا يجدي نفعاً، خاصة ونحن نواجه جيلاً مختلفاً عن الأجيال السابقة، جيلاً قد يغضب وقد يسخر، لكنه لا يستسلم أبداً للإحباط، أما السخرية المرة فهي أحد أشكال مقاومة هذا الواقع السيئ الذي تجد فيه فتاة بكل هذه المؤهلات نفسها عاطلة عن العمل بلا مبرر منطقي يمكن أن تقدمه لها جهات التوظيف!! ayya-222@hotmail.com