ليس أسوأ من وضع قمّار لحظة خسارته ما تبقى من ماله، وانقلاب وجه الحظ، ورؤيته للموزع أو الرابح وهو يلم تلك الأموال التي على الطاولة، وجيوبه خاوية، وثمة ضجر لا يعرف أين يمكن أن يقبّل بوجهه، تلك الساعة والمرارة التي لا يمكن تحملها، خاصة ونيران غضب الشيطان تنفخ في صدره. لقد كتبت منذ مدة عن نشاطات تقوم بها الجاليات الآسيوية المختلفة، كل في مكانه بإدارة طاولات القمار، وهم مولعون بأنواع الميسر كافة في بلادهم، بدءاً من مصارعة الديكة والحيوانات، إلى الملاكمة الآدمية الدامية، وانتهاء بأوكار الليل و”الكازينوهات”. عندنا، خاصة أيام الإجازات والعطل، يظهر شغفهم في لعب القمار، وكسب أموال إضافية بطرق غير شرعية، لقد بدأوا من شقق صغيرة في أماكن مختبئة في قاع المدينة، ثم ظهروا على السطح رويداً، رويداً، شوهدوا في الأماكن العامة، والحدائق، والميادين الخالية، وفي مناطق تجمعاتهم العمالية الخاصة، حتى وصلوا إلى أماكن مقابلة لشاطئ الراحة، حيث الوكر الكبير، وغدت هذه التجمعات غير بريئة، ولا تمارس فيها الرياضة كالعادة، الهوكي والمصارعة والكريكيت، وزادت عن حدها، باتباعها بجرائم طعن وقتل وتهديد وابتزاز في مقر سكناهم، وبالأمس سعدت أن الدوريات الأمنية بدأت في التقاطهم، ومداهمة أوكارهم التي جعلوها عامة! سمعت قصة، ولكن ماذا لو حدثت مثلها، وستحدث غيرها، مقيم أو زائر أو ممن قست عليه الحياة، وانقطع سبيل رزقه أو مخالف للإقامة أو أحد إخواننا الذين شردتهم دولهم، والعنف الذي فيها، المهم نحن أمام حالة إنسانية، رجل يسرع بزوجته الحامل وهي على وشك الولادة، وعند أقرب مستشفى، خاص أو عام، لكن المستشفى الخاص يرفض الحالة إلا إذا أودع الزوج عشرة الآف درهم مقدماً في صندوق المستشفى، الزوج بلا حيلة ولا مال، الزوجة يستصرخها وجع المخاض، إدارة المستشفى تتعنت، وتطرد الزوجة والزوج من المستشفى، الزوج يصاب بهستيريا ويصرخ بالذي خلقه، طلباً للنجدة والمساعدة، والتخفيف عن زوجته التي تقاسي في رمقها الأخير بين الحياة والموت، المستشفى يستعين برجال الأمن عنده لإبعادهما عن المستشفى، المرأة يحاصرها الطلق، الزوج بلغ به الجنون والعنف، تهب طبيبة أخذتها الغيرة والرحمة حين وصلت الأمور إلى خواتيمها، وحاولت أن تنقذ الزوجة بالذي تستطيع، وخارج حرم المستشفى، وداخل سيارة غطت بالشراشف، وبطريقة بدائية، قدرت أن تعمل غرفة للعمليات وولّدتها، وانكتب لها عمر آخر، وخفف من جنون الزوج سماعه صوتاً جديداً قادماً من حياة أخرى، ورأى بريقاً منطفئاً تغالبه الدموع في عيني الزوجة، وفرحة الطبيبة، وربما هتاف وتصفيق من المارة والجمهرة، غير أن المشهد تحول من فرح الجميع لصدمة بوصول سيارة الشرطة.. لديكم أسئلة كثيرة مع أو ضد، أطرحوها على أنفسكم، وبينكم، أنا أكتفي بهذا القدر! amood8@yahoo.com