بعض المؤسسات والدوائر الحكومية هي نموذج في العمل، والشفافية، والعلاقة بينها وبين أفراد المجتمع، ورضا المتعاملين، هو ما يضع البعض أمام المحك، للاقتداء بها في شتى المجالات، فقضية مثل الشفافية تتصدر أولويات حكومتنا وتعمل الدولة على تعزيزها بين مؤسساتنا ودوائرنا وهو ما أعلن عنه مراراً وتكراراً الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، وأكد أهمية دور مؤسساتنا الوطنية التي تشمل الوزارات والهيئات والدوائر وغيرها في عملية البناء وتحقيق التنمية المستدامة، وانطلاقاً من نظرة الحكومة لدور هذه المؤسسات الوطنية شرعت الحكومة في إعادة تنظيم وتفعيل دورها في خدمة المواطن وتحقيق التطور في الأداء المؤسسي الحكومي وإدخال المعلوماتية في جل خدماتها التي تقدمها للجمهور. وكان جهد الحكومة جلياً في ترسيخ ونشر مفهوم الشفافية والمصارحة في العمل الحكومي لضمان الوصول إلى المعايير الدولية في تقديم الخدمات الحكومية بكل أشكالها، ومحاسبة المقصرين في عملهم ومكافأة المبدعين والحريصين على حماية وسمعة دولتنا وإعلاء مكانتها كدولة مؤسسات لا دولة شعارات. قبل أيام استوقفني تصريح المر مدير الإدارة العامة لحقوق الإنسان في شرطة دبي، والذي كشف من خلاله أن إدارة حماية الحقوق والحريات بالإدارة، حققت خلال عام 2011، في 505 شكاوى، مقدمة ضد إداراتها، ومراكز الشرطة التابعة لها، منها 298 شكوى ضد الإدارات العامة بالقيادة، و190 ضد مراكز الشرطة، لافتاً إلى أنه تبين من التحقيقات صحة 67 شكوى منها فقط. وهذا الخبر لم يكن اجتهاداً صحفياً، ولم يأت من خلف الكواليس، أو من خلال تسريبات، ولا عن طريق علاقات قوية تربط صحفياً ما بمصدره، ولا توقعات، بل كان خبرا وتصريحا بثته شرطة دبي عن طريق مكتبها الإعلامي، هو ما يعكس درجة الشفافية العالية التي تتمتع بها، لتؤكد أنه ليس لديها ما تخفيه وعلاقتها بالمجتمع يجب أن تقوم على الاحترام وحفظ الحقوق المتبادلة، وان الجهات الشرطية بالدولة عندنا ما هي إلا مؤسسات تعمل بمستوى عال من الشفافية والحرية والصراحة والموضوعية، وتكن للإنسان ولأفراد المجتمع كل الاحترام والتقدير، وتحفظ حقوقه، كما تطالبه بواجباته. بعض المؤسسات تخشى هذه المواجهة، ولا يمكن لها أن تفكر في نشر أو الإعلان عن مثل هذه الأرقام، والمعلومات، التي تراها تضر بسمعتها، وتقلل من مكانتها، وتسيء لها ولموظفيها، وهو خطأ كبير، وبل وتذهب لأبعد بمن ذلك بأن تسعى جاهدة بكل الطرق والوسائل لبث الأخبار التي تراها من وجهة نظرها إيجابية، فتراها تسخر كل إمكاناتها وطاقاتها لنشر الأخبار المتعلقة بإنجازات موظفيها، وعدد الساعات التي يقضونها على مكاتبهم، وعدد المعاملات التي ينجزونها، وبرامجهم الإبداعية التي يطلقونها، ومشاريعهم الإبداعية التي تحصد الجوائز والألقاب، والمشاركات الداخلية الناجحة، وحفلات التكريم، متناسين أنهم بذلك يؤدون أدوارهم الطبيعية، فمن الطبيعي أن يكمل الموظف ساعات عمله، وينجز معاملات مراجعيه، ويسعى لتطوير نفسه والاستفادة من التقنيات المتاحة، وأن التكريم والترفيه والرحلات والسفاري هي أنشطة ثانوية ترفيهية ليست إلا. محمد عيسى | m.eisa@alittihad.ae