لننتبه جيداً، فليس كل ما يلمع ذهباً.. وكما أن أحفاد برمك المجوس يعودون من جديد وبلباس ديني غامض ومريب، فإن السلاجقة أيضاً يرتدون لباس الدين، ويخوضون المعترك السياسي المخيف وساحته، المنطقة العربية، بما لها وعليها من أردية ثقافية وسلوكية وحضارية تشجع الأطراف مجتمعة على دخول المنطقة كفاتحين مبجلين، مجللين، ومجلجلين، مجندين بأسلحة الاعتصام بحبل «الدين» تساعدهم في ذلك أنظمة عربية محكمة الإغلاق، قابضة على الرقاب والخطاب، بالحديد والنار، جاعلة من الشعوب وقود نار وسعار منتحرين من أجل الإمساك بلجام الخيل وظلام الليل.
ومن بغداد الرشيد تبدأ المعضلة، لأنها المربط والمهبط، ولأنها المكان الذي تفشت فيه الحكاية والوشاية والغواية، ولأن بغداد بدأت بالحلم السومري العريق في قيادة المنطقة نحو غايات ورايات، فكان لابد وأن تسلط العيون إشعاعاتها التدميرية ضدها، أولاً ثم الانتقال إلى مرابط أخرى من بلاد العرب، واليوم وبعد أن استطاع نفر من بني العروبة والإسلام أن يتحولوا إلى أداة كأداة وسامة وأن يصبحوا مادة سائلة تسيح في النسيج الإسلامي بأطياف وأنصاف وعلى اختلاف المشارب والمثالب ساعد ذلك كله على تغلغل البرامكة والسلاجقة بسهولة ويسر وفرض الأمر الواقع على اعتبار أن المنطقة العربية منزوعة الانتماء إلى أي دين أو عرق.. والله المستعان.
فلم تكن سوريا ستصل إلى هذا الحد من الكارثية المرعبة لولا وجود نظام أناني يعيد المبادئ تحت سلطة أنا ومن بعدي الطوفان، كما أن الفرحة الدامية لم تكن لتنشر صديدها لولا وجود الماسونية المندثر بثوب الإسلام، الأمر الذي أوقع هذا البلد في خضم أطماع وأطباع وأصقاع لا يدفع الثمن إلا هذا الشعب المغلوب على أمره والنائم اليوم في شتات فجائعه وفواجعه.
شعب يعرف أنه مغلوب من نظامه، مضروب من أولئك الذين جاؤوا محملين بعقيدة الانتحار الجماعي والقضاء على كل ما يطلق عليه سيادة أوطان بانتمائهم إلى فضاءات الغبار المفتوح والقيم المنتمية إلى أحزاب العتمة الدامسة.. فلننتبه، فمن ليس له وطن، لا زمن له ولا أمن ولا مكان غير غراء المفخخات الدامية.. فالاحتقان لا يصنع وطناً، والانتحار على عتبات التنظيمات الغامضة لا يلون الحياة إلا بالدم.



Uae88999@gmail.com