لم أكن أعتقد أن ردة فعل بعض الناس تكون بقدر حبهم، فالواحد منهم إن أرسل لك رسالة نصية تهنئك بالعيد، وتأخرت في الرد عليها لأي سبب كان، ربما كنت محلقاً في السماء، فالطرف الآخر لا يشفع لك تأخيرك، ومباشرة يقول: إنك متكبر أو نسي أصحابه أو يجهل ويحلف أنها آخر رسالة يرسلها لك في أي مناسبة، المشكلة لو أنك نفحته بتلك التهنئة بعد حين، فسيخف قليلاً هواء الغضب الذي أمتلأ به جوفه، ولكنه سيظل “حاط في خاطره عليك”! • لم أكن أعتقد أنه سيأتي يوم على الإنسان، لن يستخدم القلم والورقة في تعامله اليومي، وبالأخص ممن يمتهنون الكتابة وصناعتها، لكن الحقيقة تمر عليّ أيام لا استخدم فيها القلم مع توفر البدائل، حتى أن الخط الجميل الذي تمتاز به “يمناي” بدأ يفقد بريقه وانسيابيته، واليد فقدت لياقتها، والتساؤل أنه قد يأتينا يوم، وننسى فيه الكتابة بالقلم! • لم أكن أعتقد أن الهجوم على صالونات التجميل ليلة العيد سيصل بالبعض منا أن يبيع دوره أو ما حجزه من مواعيد للأطراف الراغبة بإلحاح في الحناء والتجميل والتزيين في تلك الليلة، وإلا ستفقد شيئاً عظيماً، ولم أكن أعتقد أن تظهر قبل ثلاثة أيام من رؤية هلال العيد إعلانات يبيع البعض فيها دوره أو موعده في الصالون الفلاني، نظير مبلغ وقدره، لا ويشترط في الإعلان “للجادين فقط”! • لم أكن أعتقد أن بعض البلدان بعيدة عن مسمع الآخرين أو تشكل لهم خضة جغرافية بعدما تفتت الاتحاد السوفييتي، وتفرقت دول المعسكر الشرقي، ففي السابق تسافر إلى يوغسلافيا، ولا نقال في اليد وآخر في الجيب، ولا رسائل نصية، الاتصال إما من خلال الفندق أو من خلال البريد المركزي أو مقسم الهواتف العمومية، الآن إن نويت على يوغسلافيا، فيعني ذلك أن تسافر إلى ستة بلدان مختلفة، فلم يبق من يوغسلافيا إلا طوابع البريد القديمة، وعملتهم الدينار المندثر، شعرت ذلك حينما سافرت إلى مونتينغرو، كل واحد يتصل، يبادرك بالأسف لأنه أتصل وأنت خارج البلد، ولا يريد أن يطول عليك، فترد: لا..لا عادي، ما فيه مشكلة، فيسألك في أي بلد أنت، فترد بعفوية في مونتينغرو، فيطبق صمت عليه للحظات، وبعدها يسمعك علامات التعجب والدهشة والاستفهام، وين.. وين؟ فتضطر أن تشرح له محاولاً تقريب المسافات بالاستدلال ببلدان صديقة وشقيقة، وعلى الخريطة السياحية، ولا يتركك حتى يفهم موقعها، وآخر لا يتركك حتى يعرف أدق تفاصيل البلد، وهل هي غالية؟ وفيها من الطيبات، وآخر يريد أن يعرف كيف تكون هذا البلد، وبعد سبع مكالمات مملات، أي واحد يتصل أحسن تقول له: والله أنا يا أخي في إيطاليا! amood8@yahoo.com