ونحن نتابع ما يجري حولنا في هذا العالم المضطرب نشعر بالإعجاب والاعتزاز والفخر لنجاعة إجراءات الدولة ومعالجتها الراجحة لصون الإمارات من عبث العابثين، وبالذات للجم المتاجرين بالدين الذين كانوا يتخذون من منابر المساجد أماكن لبث سمومهم ودعواتهم الهدامة المتطرفة، لتدفع بشباب غر في أتون معركة لا ناقة لهم فيها أو جمل. كانت تلك المعالجة المبكرة واحدة من مبادرات استشراف المستقبل التي ساهمت إلى جانب يقظة العيون الساهرة لرجال الأمن في توطيد وتعزيز دعائم واحة الأمن والأمان التي ننعم بها ولله الحمد والمنة. وشملت المعالجة ضبط وتنظيم تلقي التبرعات، وحصر استلامها بجمعيات خيرية رسمية ومعتمدة، منعا لسوء استخدامها. كما جرى سابقا في مجتمعات عدة، وحيث تم تحويل صدقات وتبرعات الناس لجهات ومصارف تمول أنشطة للمتطرفين. ويعد تنظيم الخطابة في المساجد من أهم وسائل هذه المعالجات، لمنع استغلال منابرها من قبل دعاة الفتن كما جرى في العديد من المجتمعات الخليجية، حيث يقوم دعاة التكفير والضلالة والتضليل بتجنيد أغرار والزج بهم في ميادين قتال باسم جهاد مزعوم، سفكت فيه أرواح بريئة ودمرت ممتلكات ومقدرات بلدان هي في أمس الحاجة لكل مواردها لتقوم حكوماتها بواجبها تجاه أبسط احتياجات مواطنيها. كم من شاب خليجي غرر به وسيق لميادين قتال باسم جهاد كاذب، ليترك الحسرة والألم لوالديه وأسرته، بينما دعاة الفتن والخراب والدمار يتنعمون بين أبنائهم وأسرهم. ولخص فيلم “تورا بورا” للمخرج الكويتي وليد العوضي وبطولة الفنان الكبير سعد الفرج وزميلته القديرة أسمهان توفيق مأساة أسر غرر بابنائها لميادين ذلك الجهاد المزعوم والذي تحول لتصفية حسابات لصالح أمراء الحروب وتجار المخدرات. نطرح هذا الموضوع اليوم بينما نتابع تصريحات مسؤول في”الشؤون الإسلامية والأوقاف” في الشقيقة الكويت لإحدى الصحف المحلية هناك حول موقف بلاده الحازم وعدم سماحها “ بتحريض الشباب أو تصديرهم للخارج “ودعوتهم إلى الجهاد في الدول التي تشهد حروباً أو اضطرابات”. وأشار لمنصة جديدة بات دعاة الفتن يستغلونها تتمثل في مواقع التواصل الاجتماعي، وقال الدكتور عادل الفلاح وكيل وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف في الكويت إن وزارته “لا سلطان للوزارة على هؤلاء الدعاة لاستخدامهم وسائل التواصل الاجتماعي، خصوصاً أن التملص من مسؤوليتهم عن حساباتهم الشخصية سهل، بزعم تعرضها للاختراق من قبل أطراف أخرى”. تجدد الجدل حول هذه المأساة بعد أن ذكرت صحف كويتية مقتل نحو 36 كويتياً في سوريا الشهر الماضي، ولا شك فإن شبابا خليجيين وعربا آخرين قد غرر بهم لجهاد مزعوم يتنافى مع قواعد الشرع وقيم مجتمعاتنا العربية والإسلامية، وسيقوا لساحات القتال في مناطق كاليمن وسوريا وتونس وليبيا وحتى مالي والشيشان، وهناك أنباء عن تزيين” إخوان الشياطين” للمغرر بهم في الجهاد الجديد في سيناء، حيث يستهدفون قتل مسلمين أبرياء في الشرطة والجيش المصري. التصدي لدعاة الضلالة وخطابهم المتطرف يتطلب دورا أكبر أيضا من الأسرة لدعم جهود دوائر” الشؤون الإسلامية و الأوقاف” لنشر وسطية الإسلام ورسالته السمحاء في وجه القتلة والمتاجرين بالدين، وحمى الله شبابنا وبلداننا من شرورهم. ali.alamodi@admedia.ae