دخل الأخطل على عبد الملك بن مروان فقال: يا أمير المؤمنين، قد امتدحتك فاستمع منّي. فقال عبد الملك: إن كنت إنّما شبهّتني بالصّقر والأسد فلا حاجة لي في مدحتك، وإن كنت قلت كما قالت أختُ بني الشَّريد لأخيها صخر فهات. فقال الأخطل: وما قالت يا أمير المؤمنين؟ قال: هي التي تقول: وما بلغتْ كــفُّ امـــرئٍ متنــاولٍ من المجد إلا حيثُ ما نلتَ أطولُ وما بلغَ المهدونَ في القول مدحةً ولو أطنبوا إلاّ الذي فيك أفضـلُ وجـارك محفــوظٌ منيــعٌ بنجــوةٍ من الضَّيــم لا يبكـي ولا يتــذلّلُ قال الأخطل: والله لقد أحسنت القول، ولقد قلت فيك بيتين ما هما بدون قولها. فقال: هات فأنشأ يقول: إذامُتَّ مات الجودُ وانقطع الندى من الناس إلا مـن قليــل مــصرَّدِ ورُدّت أكفُّ السائلين وأمســكوا من الدِّيـن والدنيـا بخلْف مجدَّد ودخل جرثومة الشاعر على عبد الملك بن مروان، فأنشده والأخطلُ حاضر، فلما بلغ إلى قوله: إليــك أميــرَ المؤمنيــنَ بعثتُهـــا وكلّفتُهـا خرقاً مـن الأَرض بلقعا فما تجدُ الحاجـاتُ دونَك منتهىً ســـواكَ ولا تلقَى وراءَك مطلعــا قال عبد الملك للأخطل: هذا المدحُ ويلك يا ابن النَّصرانية! كتب إسماعيل بن صبيح إلى بعض الرؤساء: «في شكر ما تقدَّم من إحسان الأمير شاغلٌ عن استبطاءِ ما تأخَّر منه». فأخذه أحمد بن يوسف فكتب إلى بعضهم: «أحقُّ من أثبت لك العذرَ في حال شغلكَ من لم يخلُ ساعةً من برِّك وقت فراغك». ثم أخذه من أحمد بن يوسف سعيدُ بن حميد فكتب: لست مستقلاً بشكر ما مضى من بلائك فأستبطئ درك ما أؤمّل من مزيدك. ثم أخذه حمد بن مهران فكتب في فصل: «ولئن تعذّرتْ حاجتي قبلك لطال ما تيَّسَر لي أمثالها عندك. ولستُ أجمع إلى العجز عن شكر ما أمكنَ التسُّرع إلى الاستبطاءِ فيما تعذّر». أخذ هذا كلُّه من قول علي بن أبي طالب صلى الله عليه: «لا تكوننَّ كمن يعجز عن شكر ما أوتيَ ويبتغي الزيادةَ فيما بقي أول من بدأَ بتشبيه شيئين بشيئين في بيت واحد امرؤ القيس فقال: كأنَّ قلـوبَ الطّيـر رطبـاً ويابسـاً لدى وكرها العُنَّابُ والحشفُ البالي فَلَـو أَنَّ ما أَسـعى لِأَدنى مَعيشــَةٍ كَفاني وَلَم أَطلُب قَليلٌ مِنَ المالِ وَلَكِنَّمــا أَســــعى لِمَجــدٍ مُؤَثَّــلٍ وَقَد يُدرِكُ المَجدَ المُؤَثَّلَ أَمثالي امرؤ القيس: إذا المرءُ لم يخــزن عليـه لسـانه فَلَيْـسَ على شَيْءٍ ســِوَاهُ بخَــزّانِ فإمــا ترينــي فـي رحالــة جابــر علـى حـرج كالقـرّ تخفـقُ اكفـاني فَـيـا رُبّ مَكـــرُوبٍ كَـرَرْتُ وَرَاءَهُ وعانٍ فككت الغـلَّ عنـه ففداني وَفِتيانِ صِدْقٍ قد بَعَثْتُ بسـُحرَةٍ قاموا جَميعــاً بَينَ عاثٍ وَنَشْوَانِ وَخَرْقٍ بَعِيدٍ قـد قَطَعْــتُ نِيَاطَـهُ على ذاتِ لَوْتٍ سَهوَة ِالمشْيِ مِذعانِ Esmaiel.Hasan@admedia.ae