روي عن عطاء أن أبا مسلم الخولاني خرج إلى السوق بدرهم يشتري لأهله دقيقاً فعرض له سائل فأعطاه بعضه ثم عرض له آخر فأعطاه الباقي وأتى إلـى النجاريـن فملأ مـزوده من نشـارة الخشـب وأتى به منزله وخرج هارباً من أهله، فأخذت المرأة المزود فإذا دقيق حوّارى فعجنته وخبزت. فلما جاء قال: من أين هذا؟ قالت: الدقيق الذي جئت به. وعن أبي عبد الله القرشي عن رجل قال: دخلت بئر زمزم فإذا أنا بشخص ينزع الدلو مما يلي الركن، فلما شرب أرسل الدلو فأخذته فشربت فضلته فإذا هو سويق لوزٍ لم أر سويق اللوز أطيب منه، فلما كانت القابلة في ذلك الوقت دخل الرجل وقد أسبل ثوبه على وجهه ونزع الدلو وشرب وأرسل الدلو، فأخذته وشربت فضلته فإذا هو ماء مضروب بالعسل لم أشرب شيئاً قط أطيب منه، فأردت أن آخذ طرف ثوبه فأنظر من هو ففاتني، فلما كان في السنة الثالثة قعدت قبالة زمزم فلما كان في ذلك الوقت جاء الرجل وقد أسبل ثوبه على وجهه فدخل فأخذت طرف ثوبه، فلما شرب من الدلو وأرسلها قلت: يا هذا أسألك برب هذه البنيّة من أنت؟ قال: تكتم عليّ حتى أموت؟ قلت: نعم. قال: أنا سفيان، وهو الثوري، فتناولت فضلته فإذا هو ماء مضروب بالسكر الطبرزد لم أر قط أطيب منه، فكانت تلك الشربة تكفيني إذا شربتها إلى مثلها من الوقت لا أجد جوعاً ولا عطشاً. وقال الأصمعي: رأيت أعرابياً يكدح جبينه بالأرض يريد أن يجعل سجادة فقلت: ما تصنع؟ قال: إني وجدتها نعم الأثر في وجه الرجل الصالح.. ومما قيل من الشعر في هذا الفن منهم بشار حيث يقول: كيــف يبكــي لمحبــسٍ فــي طلــــول من ســـيقضي ليـــوم حبـــسٍ طويـــل إن فــي البعـــث والحســـاب لشـــغلا عــــن وقــــوفٍ برســــم دارٍ محيــــل ولمحمد بن بشير: ويـــلٌ لمــــن لــــم يـرحـــــم اللــــــه ومـــن تكـــــون الـنـــــار مـثــــــــواه يا حســــرتا فـــي كــل يـــــومٍ أتـــــى يذكــرنـــــي المــــــوت وأنســـــــــاه كأنـه قــــد قيــــــل فــــي مجلـــــسٍ قــد كنــــت أتـيــــــــه وأغشــــــــاه صــــار البشــــــــيري إلـــى ربـــــــــه يــرحمنـــــــا اللـــــــــــه وإيــــــــــاه ولجرير: إن الشــقي الـذي فــي النـــار منزلـــه والفـوز فــوز الــذي ينجــو مــن النــارِ يا رب قد أســرفت نفسـي وقد علمـت علمــاً يقينــاً لقــد أحصـــيت آثـــاري فاغفـر ذنوبـاً إلهــي قــد أحطـت بـــه رب العبـــــاد وزحزحنـــي عــن النـــارِ Esmaiel.Hasan@admedia.ae