على اللجنة الوطنية للتركيبة السكانية الدفع جدياً لإيجاد حلول عملية لتقليص الفجوة الكبيرة بين أعداد المقيمين والمواطنين، وأن تعمل باتجاهين مهمين، الأول هو التنسيق مع وزارة العمل لتطبيق الاستراتيجيات التي أعلنت الوزارة عنها والاشتراطات التي تفرضها المرحلة الحالية بالانتقال من مرحلة جلب العمالة غير الماهرة إلى مرحلة عمالة المعرفة، وتقنين الاستقدام العشوائي من ناحية، والعمل على تهيئة الظروف المناسبة لتشجيع المواطنين على زيادة الإنجاب، خاصة في ظل التقارير والأرقام الرسمية التي أشارت إلى تراجع نسب الإنجاب بين المواطنين، بالبحث الجدي عن سبب هذا التراجع، ولماذا اختفت الأسر الكبيرة التي كانت سائدة بمجتمعنا، ولماذا اتجهت الأسرة إلى تنظيم النسل وكأننا في الصين نعاني من مشكلة الزيادة السكانية، ولسنا في دولة يعتبر مواطنوها أقلية، مقارنة بأعداد المقيمين وبنسبة كبيرة تفوق الأربعة أضعاف.
فهذا الموضوع جد مهم، ومن الأهمية أن لا تمر هذه الإحصائية وتلك الأرقام مرور الكرام ولا تحرك فينا ساكنا، إذا ما أردنا بالفعل تقليص الفجوة وإحداث توازن مقبول ليس لنا ولكن لأجيالنا المقبلة وللحفاظ على هويتنا وتراثنا وخصوصيتنا في ظل العولمة التي يشهدها العالم وتداخل وتبادل الأفكار والسلوكيات والقيم التي لا نريدها أن تتغلغل في مجتمعنا؛ ليظل محافظا على إرثه وتاريخه وعاداته وتقاليده العربية الأصيلة التي ورثناها عن آبائنا وأجدادنا.
ورغم أننا نقدر الجهد المبذول من اللجنة ومثابرتها وحرصها على إيجاد الحلول وسد الثغرات، فإنها اليوم مطالبة بمضاعفة الجهد والسير بخطى أسرع لترجمة جهودها ومساعيها واجتهاداتها ودراساتها وأفكارها وآرائها على أرض الواقع كقرارات داعمة ومعززة لزيادة أعداد الموطنين من جهة وتقنين الاستقدام بأي شكل من الأشكال قدر المستطاع، ولعل توجيهات رئيس الدولة بحل قضية أبناء المواطنات وأمره السامي بتشكيل لجنة لحل مشكلة أحد روافد تعزيز أعداد المواطنين أجدى الخطوات العملية التي من شأنها أن تضع حدا لمعاناة شريحة من المجتمع أن نجد لهم الآلية القانونية لانخراطهم بمجتمعهم واستغلال طاقاتهم لدفع وتنمية الوطن والمساهمة مع إخوانهم وأخواتهم للارتقاء بالوطن، إننا نبارك مثل هذه الخطوات والأفعال الجليلة التي تعكس حرص القيادة الرشيدة على تأمين الاستقرار والطمأنينة لكل أبناء الوطن وتعزز من لحمتهم وتعاضدهم والتفافهم حول القيادة التي تراهن كل يوم على أن المواطن هو الثروة الحقيقية للوطن وهو الهاجس الأول للقيادة التي تعمل بكل جد وإتقان وإخلاص لتوفير العيش الكريم له وتأمين الحياة الكريمة التي يستحقها أبناء الإمارات وتوفرها القيادة الرشيدة بسخاء منقطع النظير.
كما لا يفوتنا في هذا المقام أن نسجل تقديرنا لوزارة الداخلية وبمتابعة الشيخ سيف بن زايد آل نهيان وبلجنة تنفيذ توجيهات رئيس الدولة لحل موضوع أبناء المواطنات المتزوجات من أجانب وحرصها على حل الموضوع بأقصى سرعة وجهودها الحثيثة لتزف البشرى إلى الآلاف ممن سيشملهم الحل وبسرعة اتخاذ الخطوات العملية بمعاملة أبناء المواطنات المتزوجات من أجانب كمواطنين في الصحة والتربية وإشراكهم في الأنشطة والأندية الرياضية ومعاملتهم كمواطنين، وإعداد قوائم من يستحقون، بناء على أوامر رئيس الدولة، بالحصول على جنسية الدولة ممن أكملوا الثامنة عشرة من أعمارهم.


m.eisa@alittihad.ae