تلقيت من قراء رسائل واتصالات عدة تثني على حكم محكمة جنايات أبوظبي، والذي قضى بإعدام عامل آسيوي اتُهم باغتصاب طالبة بمدرسة في أبوظبي. كما قضت المحكمة بإحالة مطالبة المدعي بالحق المدني بتغريم المدرسة خمسة ملايين درهم، على سبيل التعويض المؤقت إلى المحكمة المدنية المختصة. الحكم الذي يعتقد البعض أنه ربما كان الأول بتطبيق عقوبة الإعدام على مغتصب، نذكرهم بتلك الحادثة الشهيرة قبل أكثر من ثلاثين عاماً خلت عندما نفذ القضاء حكماً بإعدام عامل آسيوي في أحد مخابز رأس الخيمة استدرج طفلة في يوم عيد، وبعد أن نفذ فعلته الدنيئة أزهق روحها. وبعد ذلك بأعوام قليلة أصدر القضاء في أبوظبي حكمه بإعدام شاب مواطن اختطف طفلة كانت بانتظار حافلتها المدرسية صباح يوم شتوي. قررت بعده السلطات تعديل مواعيد نقل الطالبات ليصبح بعد توصيل الطلاب. لقد حظيت هذه القضية باهتمام ومتابعة واسعة لطبيعة الجريمة غير المألوفة وغير المعتادة في مجتمع الإمارات واستهدفت فيها زهرة بريئة لم تتجاوز السابعة من عمرها، في مدرستها التي يفترض أن تكون مكاناً آمناً. ويسجل لقضاء أبوظبي سرعة حسم القضية التي حركت جهات أخرى، وفي مقدمتها مجلس أبوظبي للتعليم لإعادة مراجعة أجراءات الأمن والسلامة في المدارس الخاصة، وشدد على منع تشغيل العمال الذكور في مدارس البنات، بينما ارتفعت دعوات الجمهور للتدقيق بصورة شاملة ومكثفة في الحالة الجنائية للعاملين في مثل هذه المرافق، وبالذات تلك التابعة للقطاع الخاص، والتي لا تتوانى غالبية مؤسساته عن تشغيل أناس يفتقرون لأبسط المعلومات عنهم، وعن سوابقهم وتفاصيل ماضيهم قبل أن تعهد اليهم بالإشراف على فلذات الأكباد الذين أودعهم ذووهم في هذه الدور آمنين مطمئنين إلى أنهم في أيدٍ أمينة. وفي هذه القضية تعاطف الجميع مع أسرة الضحية، وهم يحيون شجاعتها في التواصل مع رجال الشرطة للقبض على الجاني قبل أن يفلت بفعلته، ويفتك بضحايا آخرين. وظهرت في تقرير خاص على نشرة «علوم الدار» من تلفزيون أبوظبي، لتفضح مجرماً تجرد من آدميته، وتدعو كل أسرة تعرض صغيرها أو صغيرتها للتحرش أو الاعتداء إلى عدم السكوت عن مثل هذه الاعتداءات التي تتصدى لها أجهزة الدولة بكل حزم وقوة. ولعل مشروع قانون حماية الطفولة الذي عرف بقانون وديمة، وهو في مراحل صدوره الأخيرة صورة من صور ذلك التصدي . فالتساهل مع مثل هذه الجرائم من قبل الأسرة مهما كانت الذرائع والمبررات يعني إطلاق يد مجرم لمواصلة أفعاله الخسيسة. إن تطبيق العقوبات الرادعة حماية للمجتمع ومن فيه، ويجب ألا تأخذنا في ذلك لومة لائم، وهناك دول تتبع طريقة الإخصاء الكيميائي إلى جانب العقوبات المشددة بحق المعتدين جنسياً على الأطفال والقاصرين. ولا أحد يكترث لأصوات نشاز تحاول التأثير على مجريات العدالة وتطبيق القانون لحماية أشخاص منحرفين والتساهل معهم على حساب أمن المجتمع وسلامة أبنائه. وهي عقوبات ضرورية لردعهم وغيرهم من تجار السموم الذين يسعون لتقويض سلامة مجتمعات بأسرها وجرها شبابها- الذي هم أعز ثرواتها- نحو الهاوية، ولا يردع هؤلاء سوى أقصى العقوبات. علي العمودي | ali.alamodi@admedia.ae