«يمكن للإنسان أن يعيش بدون أيديولوجيا، لكنه لا يستطيع أن يعيش بدون أفكار» هذا ما يرفضه أصحاب الأيديولوجيا المتعنتة، وفي مقدمتهم «الإخوان المسلمون»، هؤلاء الذين يريدون أن يسجنوا العقل الإنساني في قفص الاتهام دائماً، يريدون أن يضعوا الإنسان في دائرة طواحين الهواء، والقبض عليه حياً أو ميتاً.. ولو أمعنا النظر في العقل الإنساني، إنه عقل التفكير، والفكرة المنطلقة نحو أفق الحرية، الذاهبة نحو الأبعاد الأربعة في هذا الكون الوسيع، ولا يمكن لهذا العقل أن يظل عصفوراً مقيداً بحبال أيديولوجيا منقبضة، لذلك فإن الكذب ملازم ضروري لأي أيديولوجيا، كونها تناقض طبيعة الإنسان، وبالتالي لكي يلقي أصحاب الأيديولوجيات العابسة على العقل الإنساني فلا بد وأن يكذبوا، ولا بد أن يصوروا العالم على أنه حزمة تصورات جامدة لا تقبل الانفكاك، ولا يجوز تجاوزها حتى وإن خالفت طبيعة العقل.
الله أعطى الإنسان حرية التفكير، وطالبه بالتفكر «وفي أنفسكم أفلا تبصرون»، ثم طالبه بفتح باب الحوار، إذ دعاه إلى تجاوز حدود الانغلاق إلى الانفتاح، وهذا أبو الأنبياء إبراهيم عليه السلام يخاطب ربه قائلاً: (رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْييِ الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي...)، «البقرة: الآية 260»، إذاً فالأصل في طبيعة البشر هو الحوار، وهو الأفكار المنطلقة من عقال الجمود، والخداع، والبطش، لكن الأنانية الفردية، والضغط النفسي الذي يمارسه، الفكر الأيديولوجي يجعل من الأيديولوجيين عثاة بقلوب غليظة، ويجاهرون في مخالفة العقيدة، التي يدعون الانتماء إليها، لتكريس واقع أيديولوجي معين، مهما كان مغالطاً، ومجافياً لحقيقة الدين.. الأمر الذي نرى فيه الصراع الدائم والدامي، ما بين الأفكار المتحركة، والأيديولوجيا المتزمتة، صراع يقود في أحيان كثيرة، إلى عبثية أيديولوجية وإلى عدمية إلى حد الانتماء.. المشهد الإخواني في مصر، ومعاملة هذا الحزب مع رجال الثورة، وشبابها، لخير دليل على التناقض الرهيب التي تعيشه هذه الأيديولوجيا وما سببته من شرخ مؤلم في حياة الإنسان. ديننا الحنيف يمقت قتل النفس بدون نفس «... مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا)، «المادة: الآية 32)، وهؤلاء ألقوا بالضحايا من فوق الأسطح أحياءً ليردوهم قتلى واستخدموا كل الوسائل القمعية لردع المناوئين، تمسكاً بأيديولوجيا تخدم مصالح حزبية، ولا تفضي إلا إلى القتل والتنكيل، وبسط النفوذ بالقوة ولكن لأن الأفكار هي الأبقى والأصلح استطاع المنتمون إليها إلى دحض الأكاذيب الأيديولوجية وفضح ادعاءاتهم، وهزيمتهم، وقد تكون هزيمة إلى الأبد، لأن الإنسان لا يستطيع بأيديولوجيا مجردة من الأفكار المتحركة، والعقل المنفتح.


Uae88999@gmail.com