كثيراً ما تستوقف القارئ أو السامع بعض المفردات في لغتنا العربية، التي يفهم معناها من خلال سياقها، إذ تبوح الكلمة بمعناها الخاص ولا تستطيع أي مفردة أن تؤدي الغرض الذي أدته، ومهما كانت درجة تعليم السامع أو القارئ لها فإن معناها واضح والكلمة تشرح نفسها. طالما توقفت عند قصة يوسف عليه السلام وإخوته وأبيه يعقوب عليه السلام، في كتاب الله العزيز في سورة يوسف، وطالما توقفت عند «سَوَّلَتْ» بما تحمله من دلالة ساحرة، وما زالت تلك المفردة ترن في ذاكرتي وأذني. الأب يعقوب عليه السلام يكشف كذب أبنائه وقد كادوا لأخيهم يوسف ورموه في البئر وادعوا أن الذئب قد أكله، فما كان منه إلا أن بادرهم بكشفه كذبهم «بل سَوَّلَتْ لكم أَنْفُسُكم أَمْراً»! سَوَّلَتْ له نفسه كذا: زَيَّنَتْه له. وسَوَّل له الشيطانُ: أَغْواه. وأَنا سَوِيّكَ في هذا الأَمر: عَدِيلُك. وفي حديث عمر، رضي الله عنه: اللَّهُمَّ إلا أن تُسَوِّلَ لي نفسي عند الموت شيئاً لا أجِدُه الآن؛ التسويل: تحسين الشيء وتزيينُه وتَحْبِيبُه إِلى الإِنسان ليفعله أو يقوله. وفي التنزيل العزيز: (بل سَوَّلَتْ لكم أَنْفُسُكم أَمْراً فصَبْرٌ جَمِيل)؛ هذا قول يعقوب، عليه السلام، لولده حين أخبروه بأكل الذئب يوسفَ فقال لهم: ما أَكَلَهُ الذئْب بل سَوَّلَتْ لكم أَنفسكم في شأْنه أَمراً أي زَيَّنَتْ لكم أَنفسكم أمراً غير ما تَصِفُون، وكأنَّ التسويل تَفْعِيلٌ من سُولِ الإِنسان، وهو أُمْنِيَّته أَن يَتَمَنَّاها فتُزَيِّن لطالبها الباطلَ وغيره من غرور الدنيا، وأصل السُّول مهموز عند العرب، استثقلوا ضَغْطة الهمزة فيه فتكلموا به على تخفيف الهمز؛ قال الراعي فيه فلم يَهْمِزه: اخْتَرْنَك الناسُ، إذ رَثَّتْ خَلائِقُهُم واعْتَلَّ مَنْ كان يُرْجى عِنْدَه السُّولُ والدليل على أَن أصل السُّول همز قراءة القُرَّاء قوله عز وجل: (قد أُوتيتَ سُؤْلَكَ يا مُوسى)؛ أي أُعْطِيت أُمْنِيَّتك التي سألتها. ابن الفارض: فألســـُنُ مَن يُدْعـى بألسَــنِ عارِفِ وقـد عُـــبِرَتْ كل العِباراتِ كَلّتِ فكُنْ بصـراً وانظر وسـمعاً وعهْ وكنْ لساناً وقُل فالجمعُ أهدَى طريقةِ ولاتتّبــِعْ مـنْ سَــوّلَتْ نفـسُـــهُ لَهُ فصـــارَتْ لهُ أمَـــّارةً واسـتمرَّتِ ودَعْ ما عداهَا واعدُ نفسكَ فهي منْ عِدَاهــا وعذ منها بأحصَنِ جُنَّة ِ فنَفْســـيَ كـــانَتْ، قبلُ، لَوّامَة ً متى أُطعها عصَتْ، أوْ أعصِ عنها مُطيعَتي فأوردتُها ما الموتُ أيسرُ بعضِهِ ................. وأتْعَبْتُها، كَيما تَكون مُريحتي إسماعيل ديب | Esmaiel.Hasan@admedia.ae