تتميز عن غيرها في كل قطاعات العمل التي خاضتها المرأة بتضحيتها وصبرها، وتتحمل بكل رحابة صدر ما تلقاه من معاملة خشنة من بعض الجمهور بسبب الحالة غير العادية التي يكونون فيها... لذا يعترف لها الجمهور بقدسية ونبل وسمو العمل الذي تقوم به لتستحق هي وكل من يعمل في مجالها بجدارة لقب ملائكة الرحمة، إنهن الممرضات... حاملات مشاعل الأمل لمن سقط عن رؤوسهم تيجان الصحة وبات ينهش أجسادهم المرض. فتوفير مستوى متطور من الخدمات الصحية لأفراد المجتمع اليوم أضاف مسؤوليات كبيرة على عاتق الممرضة، حتى بات دورها لا يقل أهمية عن دور الطبيب في علاج ورعاية المرضى، وذلك مع تطور الخدمات الصحية ودخول الأجهزة الطبية الحديثة والمعقدة أحيانا مجال الخدمات الطبية، والتي تتطلب من الممرضة مستوى علميا عاليا واستيعابا جيدا كي تكون مؤهلة لاستخدام هذه الأجهزة بالشكل الصحيح، وفق توجيهات الأطباء العاملين. حقيقة كانت أمتنا قد سبقت العالم كله في مجال العمل التمريضي، وقد اشتهرت الممرضة رفيدة الأسلمية التي كانت ترعى المصابين وتضمد الجرحى في الحروب التي كان المسلمون طرفاً فيها، وتقديراً من النبي صلى الله عليه وسلم لدورها وجهودها في غزوة خيبر في مداواة الجرحى وخدمة المسلمين، فقد أسهم لها بسهم رجل مقاتل... ولم تكن رفيدة وحدها بل غيرها الكثير من النسوة اللاتي كن يستأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الخروج معه في الغزوات لإسعاف الجرحى أثناء القتال.. إلا أن الشهرة كانت لـ «فلورنس نايتنجيل» لدورها التمريضي خلال الحرب العالمية الثانية، التي باتت رمزاً للتمريض في العالم... ما جعل تلك المهنة بعيدة نوعا ما عن مجتمعاتنا إلى عهد قريب كان مفهوم العملية التمريضية هي خدمة صحية تقدم للمريض من قبل الممرض أو الممرضة، وعليه تنفيذها حسب أوامر الطبيب، أما اليوم فقد تطورت العملية التمريضية لتشمل مجموعة خطوات مدروسة تبدأ بالتشخيص التمريضي، تليها خطوات تنفذ بدقة كي تنجح خطة المعالجة والتدابير التمريضية والطبية المطبقة لضمان العلاج الأمثل، ما يدعو الجهات المعنية إلى تزويد العاملين في المهنة بالمعارف والمهارات المطلوبة لرفع كفاءتهم، وإبراز دورهم في الخدمات التمريضية الآمنة، فخلال الأيام القليلة الماضية احتفلت الدولة باليوم العالمي للتمريض وهو ما يجسد أهمية المهنة التي كانت وما زالت تحظى باحترام وتقدير المجتمع، والعالم اجمع لتطوير هذه المهنة والارتقاء بها.. هذا الاحتفال اليوم يدفع إلى وقفة تأملية من قبل الجهات المعنية لإجراء كشف حساب حول ما قدمته في هذا المجال، وما ينبغي تقديمه، خاصة فيما يتعلق بإقبال المواطنات على العمل في هذا المجال الإنساني، ما يستدعي حشد الإمكانيات لمعالجة الأسباب التي تقف وراء الموقف السلبي للمجتمع تجاه المهنة، والالتحاق بها في اعتقادي أهم خطوة لو استحدث نظام للترقية في مجال التمريض وفق أسس مدروسة، بحيث تتقدم الممرضة إداريا ومهنيا وماديا لاستطاعت كسر هوة أن الوظيفة هامشية... هناك العديد من الإجراءات المحفزة كالأولوية في السكن وتسجيل الأبناء في الحضانات وغيرها من المميزات التي يمكن أن تعمل على تشجيع أبناء وبنات الوطن على الالتحاق بمهنة التمريض.. تعلمت أن كل ما نراه عظيما في الحياة بدأ بفكرة ومن بداية صغيرة. jameelrafee@admedia.ae