قال رجل لثمامة بن أشرس‏ الذي اشتهر ببخله وظرفه:‏ إن لي إليك حاجةً‏، قال‏:‏ وأنا لي إليك حاجة‏، قال‏:‏ وما حاجتك إلي؟ قال‏:‏ لا أذكرها حتى تضمن قضاءها‏، قال‏:‏ قد فعلت‏، قال‏:‏ فإن حاجتي إليك ألا تسألني حاجة‏، فانصرف الرجل عنه‏.‏ وكان ثمامة يقول‏:‏ ما بال أحدكم إذا قال له الرجل‏:‏ اسقني، أتى بإناء على قدر الري أو أصغر، وإذا قال‏:‏ أطعمني أتاه من الخبز بما يفضل عن الجماعة والطعام والشراب أخوان، أما إنه لولا رخص الماء وغلاء الخبز ما كلبوا على الخبز وزهدوا في الماء‏، الناس أرغب شيء في المأكول إذا كثر ثمنه أو كان قليلاً في منبته، ألا ترى الباقلاء الأخضر أطيب من الكمثرى والباذنجان أطيب من الكمأة، ولكن أهل التحصيل والنظر قليل وإنما يشتهون على قدر الثمن‏.‏ وكان يقول‏:‏ إياكم وأعداء الخبز أن تأتدموا بها وأعدى عدو له المالح، فلولا أن الله أعان عليه بالماء لهلك الحرث والنسل‏.‏ وكان يقول‏:‏ كلوا الباقلاء بقشره فإن الباقلاء يقول‏:‏ من أكلني بقشري فقد أكلني ومن أكلني بغير قشري فقد أكلته فما حاجتكم أن تصيروا طعاماً إلى طعامكم.. وجاء رجل من بني عقيل إلى عمر بن هبيرة فمتّ إليه بقرابة وسأله أن يعطيه فلم يعطه شيئاً، ثم عاد إليه بعد أيام فقال‏:‏ أنا العقيلي الذي سألتك منذ أيام‏، فقال له ابن هبيرة‏:‏ وأنا الفزاري الذي منعك منذ أيام‏.‏ فقال‏:‏ معذرة إليك إني سألتك وأنا أظنك يزيد بن هبيرة المحاربي‏، قال‏:‏ ذلك ألأم لك عندي وأهون بشأنك علي‏.‏ نشأ في قومك مثلي فلم تعرفه ومات مثل يزيد ولم تعلم به يا حرسي اسفع بيده‏.‏ ومن أشعار البخلاء الذين يتمثلون بها‏:‏ وزهدنــي في كل خيـــر صنعتـه إلى الناس ما جربــت من قلـة الشــكرِ ولآخر‏:‏ ارقع قميصــك ما اهتديـتَ لجيبـه فــإذا أضـلك جيبـــه فاســــتبدلِ ولابن هرمة‏:‏ قد يـدرك الشـــرف الفـتـى ورداؤه خـــلق وجــيـب قميصــــه مرقــوعُ ومن أمثالهم في البخل وخلف الوعد قولهم‏:‏ تختلف الأقوال إذا اختلفت الأحوال‏.‏ الباخرزي: جــادَ الزَّمــانُ وكـانَ ذا بُخْــلٍ بهــا وأَطاعَنـي فيهـــا وقدمــاً ماعصــى حتــى تصالحنــــا ومـــــازجَ ريقهــا رِيقي،ونازعْنــــا هـوىً مُســْتخلَصا واللثمُ أنشــأ بالتقـــاءِ شـــفاهنـــا صوتاً كما دَحرجتَ في الماءِ الحَصى إسماعيل ديب | Esmaiel.Hasan@admedia.ae