ما أجمل أن تصل في الفرح إلى منتهاه.. أن تأتيك الأشياء غير ناقصة.. ألا يبقى ما تشتهيه. هذا ما فعله لنا «الأبيض»، قال «احلموا ودعوا لي تفسير الرؤى».. تمنوا وأنا أحقق أمانيكم، فحقق لنا في البحرين فوق ما نتمنى، نعم حقق لنا فوق ما نتمنى، أردنا فقط أن نطمئن عليه، فطمأننا على نفسه وعلينا، أردنا أن نكون رقماً صعباً، فأصبحنا الرقم الأول، أردنا أن نعود بانتصار أو أكثر، فكانت مسيرتنا كلها انتصارات، وعبرنا الجميع، دون أن يقف بيننا وبين أحلامنا حاجز. قبل مباراة الأمس، لم أشغل نفسي كثيراً بتكهن النتيجة، وتوقعت الاحتمالين، لكن الغريب أن السعادة في الحالتين، بقيت رابضة بالنفس، فهم لديّ «أبطال في كل الأحوال»، إنهم ادخارك للأيام الصعبة والمستقبل الحافل بالآمال والأماني. كانت الواقعية تقتضي ألا نستهين بأسود الرافدين، فهم من هم في عالم الساحرة المستديرة، وهم الذين سطروا أمجاداً لا تنسى في آسيا وفي كأس الخليج وفي كل محفل شاركوا فيه، ورأيت النهائي منطقياً بحكم ما قدم الفريقان، اللذان مضيا حتى ليلة إسدال الستار بالعلامة الكاملة، ولذلك كان عبور العراق يبدو أملاً محفوفاً بالتحديات، لكن أبناءنا فعلوها، وأثبتوا أن المعادلة لديهم ليست أبداً في المنافس، لكنها فيهم أنفسهم، نعم القدرة على التحدي وعلى إنجاز المهمات ليست مرهونة بمن أمامك، لكنها مرهونة بك وبما تريد، وبقدرتك على أن تبذل من أجله كل ما تستطيع لتحقيقه. الفرحة بداخلي، ليست أكبر من احتمالي، إنني أحتملها وأدخر المزيد حتى العودة للوطن، والسبب أننا مع «الأبيض الجديد» اتسعت صدورنا ونحن نتيه فخراً به، فأصبحنا أكثر قدرة على استيعاب الفرح، وربما أكثر قدرة على استنشاق الهواء، الذي بات نسمات بفعل ما أشاع الأبيض في الأجواء. ليتكم كنتم هنا أمس، أعلم أنكم شاهدتم ما شاهدنا، لكن شيئاً ما لم تشاهدوه، تابعتم جانباً من الصورة، لكنكم لم تروها كلها في لحظة واحدة من على نقطة في ستاد البحرين الوطني في المنامة، لم تشاهدوا الإمارات خارج حدودها مثلما شاهدتها، ولم تدركوا مثلما أدركت كيف ونحن خارج الديار بإمكاننا أن نرسم وجه الوطن. نعم، بالأمس، وخارج الحدود، وحتى لو كنا في بلد شقيق، رسمنا وجه الوطن هنا في المنامة، استحضرناه قادة وشيوخاً وشوارع وأشجاراً وارفة. بالأمس، لم نشعر بأن هناك مسافات تفصلنا عنكم، فكل ما احتجناه كان هنا، حتى أنتم كنتم هنا، كان مشهداً أكبر من أن يوصف، لكنه يُحس، وسيظل خالداً في أغلى مكان بصدور كل من كانوا هنا. صباحك خير يا وطن.. صباحك فرحة وفوز وانتصارات.. صباحك «خليفة» قائدنا وأبونا وركننا الركين. صباحك ابتسامة تمتد من أبوظبي إلى دبي والشارقة وعجمان ورأس الخيمة والفجيرة وأم القيوين وتغطي سماءك فيبتسم الكون لك، صباحك «أبيض» مثلما كان مساؤك في المنامة، بعد أن كتب أبناؤك أروع رسالة وحازوا أروع بطولة.. صباحك بريء يا وطني، مثلما هي وجوه أبنائك التي شكلها الحب لك والفداء من أجلك، صباحك عز يرافقنا ومجد ينادينا. كلمة أخيرة: فرحة الوطن لا يعدلها شيء.. فرحة الوطن «هدية السماء» محمد البادع | mohamed.albade@admedia.ae