تكلم المأمون يوماً فأحسن فقال يحيى بن أكثم: يا أمير المؤمنين جعلني الله فداك!.. إن خضنا في الطب فأنت جالينوس في معرفته، أو في النجم فأنت هرمس في حسابه، أو في الفقه فأنت علي بن أبي طالب، رضي الله عنه، في علمه، وإن ذكر السخاء كنت حاتماً في جوده، أو الصدق فأنت أبو ذر في صدق لهجته، أو الكرم فأنت كعب بن مامة في إيثاره على نفسه، أو الوفاء فأنت السموأل بن عاديا في وفائه، فاستحسن قوله وتهلل وجهه. وقال إبراهيم بن المهدي للمأمون: يا أمير المؤمنين ليس للعافي بعد القدرة عليه ذنب، وليس للمعاقب بعد المِلك عذر. قال: صدقت فما حاجتك؟ قال: فلان. قال: هو لك.. قال: وقال الواثق يوماً لأحمد بن أبي دؤاد وقد تضجّر بكثرة حوائجه: قد أخليت بيوت الأموال بطلباتك للائذين بك والمتوصلين إليك! فقال: يا أمير المؤمنين نتائج شكرها متصل بك، وذخائر أجرها مكتوب لك وما لي من ذلك إلا عشق الألسن لخلود المدح فيك. فقال: يا أبا عبد الله والله لا منعتك ما يزيد في عشقك وتقوى به منتك إذ كانا لنا دونك. وأمر فأُخرج له ثلاثون ألف دينار يفرقها في الزوار. قال: وقدم أبو وجزة السلمي على المهلب بن أبي صفرة فقال: أصلح الله الأمير! إني قطعت إليك الدهناء وضربت إليك أكباد الإبل من يثرب. فقال: هل أتيتنا بوسيلة أو قرابة أو عشرة؟ قال: لا ولكني رأيتك لحاجتي أهلاً فإن قمت بها فأهل ذلك أنت وإن يحل دونها حائل لم أذمم يومك ولم أيأس من غدك. فقال المهلب: يعطى ما في بيت المال. فوجد فيه مائة ألف درهم فدفعت إليه، فأنشأ يقول: يا مــن علـى الجــود صــاغ اللـه راحتــه فليـس يحســـن غيــر البـــذل والجــودِ عمّــت عطايــاك مـن بالشــرق قاطبــةً وأنــت والجـــود منحوتـــان مــن عُـــودِ أبو الإسحاق الألبيري: أحمامـــــة البيـــــدا أطلـــــــتِ بكـــاكِ فبحســــن صوتـــك مــا الــذي أبكـــاكِ إن كـــان حقـــاً مــا ظننــــت فــإن بــي فــوق الــذي بــك مــن شــديد جــواكِ إني أظنــــــك قـــــد دهيـــت بفرقـــــة مــن مؤنـــس لـــك فارتمضـــت لـــذاك لكـــن مـا أشـــكوه مــن فـــرط الجـــوى بخــــلاف ما تجديــــــن مــن شــــكواكِ أنا إنمــــا أبكـــي الذنـــوب وأســــــرهـا ومنــاي فــي الشــكوى منـــال فكاكـــي وإذا بكيـــــتُ ســــــألتُ ربـــي رحمــــةً وتجــــــاوزاً فبكــــــاي غيـــــر بكـــــاكِ Esmaiel.Hasan@admedia.ae