أيام قضيناها مع ماراثون زايد الخيري بنيويورك، لكننا كنا فيها مع الوطن، وأفراح الوطن، وما يشغل شارعه الرياضي لحظة بلحظة، ومن يسافرون، يعلمون حقيقة ما أقول، وأنهم وإن ابتعدوا عن الإمارات لأيام أو أسابيع، إلا أنهم وقبل أن يصعدوا الطائرة، ربما يتركون هنا ذواتهم وقلوبهم التي في الصدور، ويستردونها حين يعودون. في نيويورك، كنا عيناً وقلباً في الإمارات، وعيناً هناك، وأخرى في مانشستر، التي صارت مدينة أخرى نهفو إليها، منذ أن اختارها سمو الشيخ منصور بن زايد آل نهيان موطئاً لتحدٍ جديد، حين قرر سموه شراء نادي مانشستر سيتي، ومعه اشترى أحلامه المؤجلة منذ 44 عاماً، واشترى أمنيات جماهيره التي اعتادت أن تنام كل تلك العقود على وقع الخسارة والإحباط، ليس لديها، سوى أن تجتر ذكريات الماضي، طالما أنها الأروع في مسيرة بدت وكأنها لم يعد لديها جديد. كانت عيوننا على مانشستر، تتابع تفاصيل التحدي الذي استحكمت حلقاته، بين «اليونايتد» بتاريخه وصولاته وأمانيه ونجومه، وبين «السيتي» بإرادته وشوقه لاختراق الزمن الذي عانده كثيراً، والأهم بتاريخه الجديد، الذي بدأ يسطره سمو الشيخ منصور بن زايد آل نهيان، تخطيطاً ودعماً واستراتيجيات، تسير بسياسة واضحة، شكلت «طريق الحرير» والنجاح، من أبوظبي إلى مانشستر، فبعد عام من فوز الجزيرة بثنائية الدوري والكأس، بقيادة ودعم وتوجيه «منصور»، فعلها «القمر السماوي» وسار على الخطى، ولكن في «مدار» آخر، ليس كمدارنا، في مدار البريمير ليج، هذا العالم المختلف شكلاً وموضوعاً ولاعبين وإمكانيات وإعلاماً، لكن القاسم المشترك في الإنجازين، كان «منصور» وكان الفرحة الاستثنائية، مثلما كان إنجاز مان سيتي استثنائياً في طعمه وفي تفاصيله. تابعنا المباراة، مع الإمارات ومانشستر لحظة بلحظة، وتأكدنا أن «السيتي» لم يعد بعيداً عنا، حتى لو لعب في الدوري الانجليزي، فتلك الأعصاب التي احترقت، ما كانت أن تحترق، لولا أنه نادينا، ولولا أننا نشعر تجاهه بما نشعر به تجاه الجزيرة والعين والوحدة وغيرها من الأندية، هو نادينا مهما ابتعد، فصاحبه «منصور». وفي الإمارات أيضاً، كنا نتابع تفاصيل انتخابات اتحاد الكرة التي تدور رحاها اليوم، لتكشف عن المجلس الجديد الذي سيقود كرة الإمارات في مرحلة التحديات، إذ لم يعد مستساغاً من أحد أن يقول إنه سيبني أو أنه سيعيد ترتيب المنظومة من جديد، أو ترتيب البيت، وغير ذلك من الكلام الذي تم استهلاكه وبات من الماضي، فالبناء والحمد لله مكتمل ولدينا جيل رائع من اللاعبين بإمكانهم أن يفعلوا الكثير، والبيت مرتب والمنظومة واضحة، وليس «كيمياء»، ولذا على القادم أن يقودنا في مرحلة الحصاد، وأن يضيف بعض «الرتوش»، وأن ينظر ويتابع ملفات جانبية وليست رئيسية، لأن الملفات الكبرى، المفروض أنها معروفة، والمفروض أن المجلس الجديد سيكمل فيها مسيرة من سبقوه. اليوم، هو يوم كرة الإمارات، التي تنشد التحليق في سماء الإنجازات، وإذا كانت كثرة المرشحين، تشير بتربيطات خفية، إلا أن ذلك حال الانتخابات في كل الاتحادات، ولا غبار عليه، المهم أن يكون «التربيط» لصالح كرة الإمارات، وليس لصالح شخصيات. كلمة أخيرة: كرة الإمارات التي أذاقها «الأولمبي» طعم الفرح، لن تقبل في قادم أيامها أن تعود للخلف mohamed.albade@admedia.ae