كتب فهد حسين الناقد البحريني حول التجربة النسوية في منطقة الخليج العربي، وتضمنت رؤيته صورة المرأة العربية إبداعيا وثقافيا، وهو الفصل المهم الذي جعلني أكتب عنه، كون الإبداع هو محور فصول كتاب “بعيدا عن الظل” والذي يرسم ملامح نهضة المرأة عامة ورغبتها عبر الزمن في إبراز دورها ومعالمها الحياتية المختلفة. والناقد الصديق فهد حسين أولج قلمه في فصول عدة من نضال وحياة المرأة العربية، متمثلا أوضاعها الداخلية والخارجية، وهي من المنافع التي يقدمها الكاتب للوسط الثقافي العربي مرجعا وخلاصة تثير إضافة منهجية للباحثين والمهتمين بالخصوصية النسوية، وهي دراسات باتت تتمعن أكثر في عالم المرأة بكل تجلياته. في المحور الثالث من الكتاب تناول الناقد التجربة الإبداعية بداية بالشعر النسوي مقدما اياه على الرموز السردية والقصصية رغم امتهان الكاتب دراسة الروائية ابتداء من العام 1999، فلديه نص بعنوان “في غابة التأويل” وآخر بعنوان “ايقاعات الذات” وكتاب بعنوان “أمام القنديل”، وهي حوارات في الكتابة الروائية، إضافة الى كتاب بعنوان “الرواية والتلقي”.. وقلم الناقد مازال يجر حبره الى مسافات ورؤى تجسد كثيرا من التجارب والقراءات الأدبية وبالأخص الأدب الخليجي. ويستلهم القارئ صورة المرأة وهي تزعزع سلطة الذكور وتفككها ثقافيا وأدبيا، وتخترق عالمهم المحصن. وكعادة السلطات المتحكمة في عالم الإنسانية فما هي الا أدوات بلورية مزيفة، هكذا توحي البداية حيث يطلق الكاتب إشارات تتسم بالعبارات وتتمثل في اتجاه نحو دلالات تفوق المرأة إبداعيا وتميزها بالبلاغة اللغوية، مستندا إلى كتب تاريخية غيبت دور المرأة الحياتي وهي كتب شاخت ونأت كـ”كليلة ودمنة” وغيرها من أدب السياسة والرحلات التي هيمنت فيها ثقافة القهر، ما أنتج دفاع المرأة عن ذاتها الانثوية من خلال خطابها الثقافي وولوجها عالم الكتابة الحرة وبعثها من جديد بوصفها كاتبة ملهمة لذاتها تطرح الفكر وتحاكي الثقافة من خلال النشر الصحفي المكتوب والإصدارات التي تبلور دورها كأنثى. ويستعين بالشاعرة الجميلة سعاد الصباح ومن إصدارها “إليك يا ولدي” قائلة: “أيا لوعة قلب أم ماتت أمانيها فلا الشكوى تؤنسها ولا الصبر يواسيها تولت فرحة الدنيا فعاشت في مآسيها”. ويعرج الناقد فهد حسين الى الشاعرة حصة الرفاعي التي تقول في قصيدة لها: “أيا بلدي كفاك الله شر الغرور وبهرج العيش الرغيد ودهرا فيه اضحى فيه كل شي يباع ويشترى مثل العبيد”. ويواصل الكاتب مستشهدا من التجارب السردية والروائية البارزة للسعوديات سلطانة السديري وانصاف بخاري ورقية ناظر، ومن الإمارات صالحة غابش، ومن البحرين إيمان دعبل، ويبيّن الكاتب ايضا علامات القص النسوي ونسيجه الإبداعي، وابرز من الإمارات فاطمة المزروعي وعائشة عبدالله، وهدى النعيمي من قطر، ونعيمة السماك من البحرين، وامتد قلمه الى عالم السرد النسائي ومن اعلامه فوزية رشيد ونورية السنداني وسالمة بنت سعيد. وبهذا يختتم ما زخر به الكتاب من سمات نسوية وأدبية مهمة.