وسط أصداء الاحتفال بتكريم الفائزين في الدورة الثانية لجائزة الإمارات للأداء الحكومي المتميز ضمن برنامج الشيخ خليفة للتميز الحكومي، والذي أقيم يوم أمس الأول في العاصمة أبوظبي برعاية صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، توقفت أمام دلالات فوز وزارة الداخلية بجائزة ضمن الفئات العشر التي فازت بها، وهي جائزة الجهة الاتحادية المتميزة في الأداء الحكومي. ففي هذا المجال المهم والحيوي لوسائل الإعلام وكذلك للرأي العام، سجلت الوزارة نموذجا من خلال تجربة الإعلام الأمني ودورياته، وحسن توظيف وسائل وشبكات التواصل الاجتماعي مثل” تويتر” و”فيسبوك” في إبلاغ الجمهور أولاً بأول بمجريات أي حدث مهم، قبل أن تتشوه الحقائق بشأنه عن طريق الإشاعات والرسائل النصية و”البي بي”.
ولعل أقرب نموذجين أمامنا قضيتي “كمين بني ياس” و”حادثة الجيمي” وغيرهما من القضايا، ما يقطع الطريق على أي مضلل ومشوه للحقائق يريد تصوير الأمور على غير حقيقة مجرياتها، وبالذات من بعض فضائيات” الشحن والتشويه” التي تطلق العنان لخيالاتها.
هذا الأداء والتعامل الشفاف مع الإعلام والرأي العام، ومهما تباينت الآراء حوله، إلا أنه يفوت على أمثال تلك الجهات أي تلاعب أو تضليل في أخبار مهمة كالتي تصدر من وزارة الداخلية. بينما نجد أن وزارة مثلها في بعض دول العالم يرتبط عملها بالتكتم الشديد وعدم الانفتاح لا على الإعلام أو الجمهور إلا فيما ندر.
ومنذ أن تم تدشين نظام المتحدث الرسمي و”الاتصال الحكومي” اعتقد البعض في العديد من الدوائر أن مهمته “حجب وفلترة” الأخبار بطريقته. ورأينا كيف كان مسؤولون في هذه الجهة أو تلك يتحدثون مباشرة لوسائل الإعلام، فإذا بهم يحيلون أي استفسار يردهم للمتحدث الرسمي الذي نجده في أحايين كثيرة آخر من يعلم بما يدور حوله من أحداث. وجرى تنظيم أكثر من ورشة عمل بين “المتحدثين الرسميين” وممثلي وسائل الإعلام لتقييم التجربة وتعزيز توجهات الانفتاح والشفافية بين الجانبين. إلا أن التوصيات والدعوات لا تغادر قاعة الاجتماع. بل بلغ التحفظ ببعض المناطق التعليمية- على سبيل المثال- أن تمنع مديري ومديرات المدارس من الحديث مع الصحفيين في أي شأن يتعلق بمدارسهم، حتى لو كان سؤالا عن تقديم نوع معين من الأغذية في المقصف المدرسي دون غيره، أو تأخر الحافلات المدرسية عن نقل الطلاب. بل إن نظام “المتحدث الرسمي” أفرز ظواهر سلبية تمثلت في ممارسة نوع من المحاباة مع الوسائل الإعلامية بأن تخص إحداها بأخبار هذه الجهة لأن تلك الوسيلة تفرد الأخبار “المعلبة” المرسلة إليها وتحرص على تزيينها بصورة المسؤول فيها، حتي وان كان لا علاقة له بالخبر، وحجب الأخبار عن وسيلة أخرى لأنها تتعامل مع أخبار هذه الجهة بحسب أهمية الخبر، وليس بعدد كلماته وصور المجاملة المرفقة مع البيان الصحفي المعلب المرسل إليها.
نجدد طرح الموضوع، ونحن نتطلع لوجود أكثر من جهة تعتلي منصة التكريم عن فئة “الاتصال الحكومي” المميز للدورة المقبلة من الجائزة، لمواكبة جهود تحرص عليها قيادتنا الرشيدة لتعزيز الشفافية من أجل الارتقاء بالأداء وخدمة الصالح العام.


ali.alamodi@admedia.ae