كم بات منظر حمل شاحنات «مواقف» للسيارات المخالفة مناسبة للتجمهر أينما وجدت الشاحنة ذات الرافعة وهي تهم لرفع سيارات متوقفة في الأماكن المخصصة للمعاقين أو أمام فوهات الحريق، لما لهذه المخالفة من عواقب وخيمة لا سمح الله.
فتخصيص مواقف لهذه الشريحة من المجتمع فيه الكثير من التقدير والاحترام لحقوقها، فـ”مواقف” لا تتساهل مطلقاً مع هكذا مخالفات، وأينما وجدت سيارة تقف في هذه الأماكن، تجد رجال «مواقف» يباشرون بالاتصال فوراً وإحضار الشاحنة التي تسابق الريح وتصل بسرعة البرق، ومن دون مقدمات، تمد ذراعها وتحمل السيارة إلى الساحة المخصصة للحجز، وللخروج من هذه الساحة تحتاج إلى ما لا يقل عن ألف درهم عبارة عن رسوم هذه المخالفة.
قد يقول قائل إن ما تقوم به «مواقف» مبالغ فيه، وتصرف غير مبرر، والمخالفة كافية، ولا داعي لحمل السيارة نهاراً جهاراً، وأن ذلك فيه نوع من التشهير بصاحب السيارة ... ولهؤلاء أقول إن الوقوف أمام فوهات الحريق، وفي مواقف المعاقين، ممنوع وفق لوائح وقوانين المرور حتى قبل إنشاء “مواقف”، ورجال المرور في الفترة السابقة كانوا بالمرصاد لكل من يضبط متلبساً، ولكن الأيام أثبتت أن تحرير المخالفة ووضعها تحت “مساحات” الزجاج، أو تسجيلها بالنظام المروري، إجراء غير كافٍ لردع من تستهويهم هذه الأنواع من المخالفات، ذات العواقب الوخيمة، فقلة من السائقين لا تدرك خطورة ما تقوم به عندما توقف سياراتها أمام فوهة حريق، وأن هذا التصرف “الهمجي” قد يتسبب في تهديد أرواح الناس ويعرض حياتهم للخطر إن شب حريق في مكان قريب لا سمح الله، وكذلك فإن من يستهتر بخصوصية مواقف المعاقين، ويوقف سيارته فيها غير مبالٍ بشعور هذه الفئة من المجتمع، يستحق أكبر من مجرد مخالفة مرورية، وما تقوم به “مواقف” من محاولات لردع هؤلاء هو موقف شجاع، لا بد أن نشيد به ونشد على أياديهم للاستمرار فيه، وألا تأخذهم بالمخالفين رحمة، فما تقوم به من حمل السيارات المخالفة فوراً لهو إجراء يستحق الثناء، فربما يكون رادعاً لمن لم تردعه المخالفة، التي يستسهل الكثيرون قيمتها المادية.
مع ذلك أقول، يوم أمس الأول استوقفني حمل سيارة كانت تقف حسب وجهة نظر رجال «مواقف» في مكان مخالف، ومعرقل لعمال النظافة، وقد يكونون محقين في ذلك، ولكن يجب أن تكون الإشارات واضحة والعلامات مبينة!، أما أن يلون الرصيف باللون الذي يسمح بإيقاف السيارة فيه، ثم تقوم الشركة المعنية بالنظافة في أبوظبي باستخدامه مكاناً لمجموعة من حاوياتها، ثم يخالف من يقف بجوار الحاويات أو بينها، فهذه المخالفة أراها غير منطقية وغير مقبولة، فيجب أن يكون هناك تنسيق بين الجهتين، لتحديد أماكن خاصة بالحاويات، يصبغ الرصيف عندها بلون أحمر على سبيل المثال، لتوضح للسائق أنه مكان ممنوع الوقوف فيه.
أثناء حمل تلك المركبة الأنيقة البيضاء، حاولت التحاور مع ثلاثة من رجال «مواقف»، لفترة استمرت أكثر من خمس دقائق، حول منطقية المخالفة من عدمها، وكانت النتيجة أن حوارنا كان مثل “حوار الطرشان”.


m.eisa@alittihad.ae